بدلاً من بناء المساجدبلال حسن التل
22-06-2016 02:19 AM
في إطار الحديث عن تفريغ الكثير من العبادات في الإسلام من جوهرها، والوقوف عند مظهرها تحدثت في المقالين السابقين عن تفريغ ركن الزكاة والصدقات من جوهره، ومن ثم من أهدافه الحقيقية وبالتالي من أثره الحقيقي في المجتمع والمتمثل في القضاء التام على الفقر والمجتمع من خلال تنمية هذا المجتمع.وفي هذا الإطار دعوت في المقال السابق إلى إحياء المفهوم الحضاري للوقف الإسلامي حيث كان الوقف يلعب الدور الرئيس في تنمية المجتمع تنمية حقيقية، وفي هذا السياق دعوت إلى استبدال إنفاق ملايين الدنانير التي تنفق سنويا على طرود الخير وموائد الرحمن بإنفاقها على مشاريع إنتاجية توفر فرص عمل لتوظيف الفقراء ومن ثم تخرجهم نهائيا من خانة الفقر والإعالة إلى حالة الإنتاج. وهي قضية تقودني للحديث عن دليل آخر من أدلة انحراف الكثيرين منا عن جوهر العبادة إلى مظهرها ويتمثل هذا الدليل في الحركة النشطة لبناء المساجد، التي يشهدها الأردن والتي سببت اكتظاظًا بعدد المساجد التي لا يبعد الواحد منها عن الآخر في الكثير من الأحيان مئات الأمتار، والتي تفتقر غالبيتها العظمى لإمام مؤهل، وكذلك للخادم والمؤذن، مما يفقدها دورها الرئيس، فالمساجد لم توجد للصلاة فقط، بل لعل من السنة النبوية أن تقام الصلوات الجامعة كصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء في الساحات العامة. بل إن بعض المذاهب الفقهية ذهبت إلى عدم جواز إقامة صلاة الجمعة إلا في مسجد واحد في المدينة الواحدة، وكل هذه معطيات تؤشر على أن الصلاة ليست هي الوظيفة الرئيسة للمسجد، فقد جعلت الأرض كل الأرض للمسلمين مسجدًا طهورًا.إن للمسجد وظائف أخرى غير الصلاة تتعلق ببناء القيم والمفاهيم.. وهي وظائف معطلة الآن لأسباب كثيرة، أهمها: عدم وجود الوعاظ والأئمة المؤهلين، وانصراف المؤهلين منهم عن العمل في المساجد، خاصة تلك التي لا يتوفر فيها سكن للإمام وللمؤذن، من هنا فإننا ندعو الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة الأوقاف إلى إعادة النظر في شروط بناء المساجد، بحيث لا يسمح ببناء مسجد ما لم يكن فيه سكن لائق للإمام وللمؤذن يحفظ كرامتيهما وكرامة أسرتيهما.. هذه واحدة، أما الثانية وهي عندي أولى: هي أن تقوم الجهات المعنية وفي مقدمتها وزارة الأوقاف أيضًا بتنظيم حملة توعية لأهل الخير الذين يرغبون في بناء مساجد، لكي يحولوا وجهة نشاطهم من بناء المساجد، إلى ما هو أنفع للمجتمع من وجوه الصدقة والخير، من ذلك على سبيل المثال الإنفاق على تعليم مجموعات من الطلاب على العلوم الشرعية ليساهموا عند تخرجهم برفع سوية المساجد، لتتمكن من القيام برسالتها على الوجه المطلوب. هذه الخطوة–أعني خطوة رفع سوية المساجد من خلال رفع سوية العاملين فيها–هي خطوة هامة في مواجهة الفكر المنحرف الذي يلبس لبوس الإسلام، وفي مقدمته فكر التكفير، والفكر المتعصّب. وفي هذا المجال يمكن لوزارة الأوقاف إنشاء صندوق خاص يُوقَفُ على تعليم الطلاب العلوم الشرعية.وعلى ذكر العلم والتعليم، لماذا لا يوجه المحسنون أموالهم لرعاية البحوث والاختراعات العلمية، التي من شأنها رفع شأن الأمة، وهو أمر أولى من بناء المساجد؟ بل لماذا لا توجه أموال الصدقات لبناء مدارس حديثة للطلاب توفر لهم مناخًا سليمًا لتلقي العِلْم؟.غير الإنفاق على التعليم عمومًا، وعلى التعليم الشرعي على وجه الخصوص. لماذا لا نستبدل بناء المساجد ببناء مستشفيات أو عيادات صحية مخصصة للفقراء والمساكين، ولا بأس من أن تتقاضى هذه المستشفيات والمراكز أجورًا رمزية تكفل ديمومتها واستمرارها في تقديم الخدمة، بعيدًا عن الروح التجارية التي تفاقمت في الوسط الطبي والعلاجي، وجعلت التداوي شبه مستحيل لشرائح واسعة من الناس، للحفاظ على حياتهم التي هي من أهم مقاصد الشريعة، وهذا عمل أولى من بناء المساجد التي تكاثرت في بلدنا، وهو باب من أبواب الأجر والثواب مارسه السلف من المسلمين، أيام كان الناس أكثر قربًا وفهمًا لروح الإسلام وجوهره ومقاصده.. حيث كان الناس يتسابقون في بناء المستشفيات، وشق الطرقات وإقامة كل أنواع المرافق، بما فيها مرافق العناية بالطيور والحيوانات.ومن أبواب الخير التي يمكن أن تُحل محل بناء المساجد وينال بها صاحبها الأجر والثواب، مساهمة المتبرعين من أهل الخير بحل مشكلة العنوسة، على غرار ما تفعله بعض الجمعيات الرائدة في بلدنا.. فقد صارت العنوسة خطرًا حقيقيًا على مجتمعنا، وصرنا مأمورين شرعًا بالبحث عن حلول لها، خاصة وأن السبب الرئيس لها هو اقتصادي. |
يا اخوان والله مقال رائع جدا انا في احدى قرى محافظة عجلون عدد المساجد في هذه البلدة احدى عشرة مسجدا عدد المصلين في كل مسجد لايتجوز عددهم الخمس في كل فرض
الأخ حسن
لا فض فوك
حقيقةً من المرات القلائل التي أرى فيها شخص يكتب بهذا الفكر النير
بارك الله فيكم وجعلكم مفتاح خير للأمة
كلام رائع في جوهر الإسلام الحقيقي
مقال علمي وواقعي ويحمل جراة فكرية فالمسجد ليس اولوية قياسا باشياء كثيرة باتت تهدد حياتنا وحياة شبابنا ومنها الفاقة والفقر والتعطل عن العمل والبطالة
الأمور التي ذكرتها مسؤوليات الدولة قبل المحسنين يا أستاذ بلال. ولا تنس أن الدولة لا تبني المساجد بل تعتمد على المحسنين في ذلك
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة