في أقل من 15 يوماً تلقيت أكثر من ثلاثين دعوة إفطار ، تنظمها مؤسسات وشركات ونقابات وشخصيات.. وكالعادة اعتذرت عنها جميعاً وآثرت البقاء في بيتي وبين عائلتي بنفس اللباس الرسمي للصيف :» السروال الأبيض والشباح أبو نص كم».. مع شكر جميع من دعوني مرفقاً بالشكر جملة اعتذارٍ ونصيحة أخوية لمن لي عليهم «مونة» ..ان تتوجّه هذه الإفطارات للأسر العفيفة وللذين لا يسألون الناس الحافا..بدلاً من الناس المترفة والغنية و»الشبعانة» وربما «قليلة الصيام»..
البعض كان يتبرّم من كلامي ويمضي في عزومته، و البعض الآخر كان يؤيد رأيي بشدة ويوافقني عليه ويمضي في عزومته أيضا...لكنها نصيحة أطلقها لوجه الله ابرئ فيها ذمتي أمام الله وأمام الوطن..
لست نكدياً، ولا غاوي «عكننة» ولست «طوبرجيا» في المدينة الفاضلة، على العكس أنا إنسان بسيط أترك لفطرتي البوصلة لكي توجهني في ديني ودنياي، و في كل سجدة للواحد الأحد أقول: اللهم ارني الحق حقاً وارزقني اتباعه وأرني الباطل باطلاً وارزقني اجتنابه.. لكن في نفس الوقت لا أستطيع ان أفهم أننا دولة متقشفة تصل مديونيتها إلى أكثر من 35 مليار دولار، ونحن حكومة وشعبا ومؤسسات نساعد في هذا الإغراق دون رأفة أو تفكير أو تدبير ببلدنا وبأنفسنا..
ثلاثون دعوة إفطار تلقيتها وأنا مواطن عادي، جلها كانت في فنادق 5 نجوم ، ومصدر الدعوة إما من الوسط الإعلامي أو من الوسط السياسي او زبائن شركات كبرى لا يقل عدد المدعوين لكل إفطار عن 200 شخص ، ولا تنزل تكلفة إفطار الشخص الواحد عن 50 ديناراً.. اذن نحن نتحدّث عن عشرة آلاف دينار للإفطار الواحد ، تخيلوا إن إجمالي ما دعيت إليه أنا العبد الفقير كان حوالي 300 ألف دينار ورمضان لم يزل في منتصفه.. من زاوية أخرى الذي يرى الصحون التي يتركها عادة أصحابها وأكواب العصائر المنتصفة والحلويات المسجّاة بعد ان أخذ الشبعان منها «خزعة» للتذوق..نعرف كم حجم الهدر الذي تركناه خلفنا..وكم حجم الظلم الذي ظلمناه لأنفسنا ولفقرائنا ولوطننا..
المديونية تتمدد، والحال يضيق، وموظف القطاع العام اقترب من أن يصيبه السهم التاسع من الزكاة.. وما زلنا ندفع ما يجب ان ندفعه من صدقة أموالنا لفنادق الخمس نجوم ... صدقوني هناك بيوت مغلقة على الوجع، لا يرغبون ان يعرف بعوزهم احد، ليسوا من رواد الإذاعات وطرح الشكاوى والتذلل، ولا يقفون على أبواب المحسنين، ولا تصطادهم كاميرات المصورين..هؤلاء من أمرنا الله بالبحث عنهم والوصول إليهم هؤلاء هم من يجب ان يكونوا «v.i.p « موائدكم!!!
الراي