يثير الحوار الذي يديره مدير المخابرات العامة الفريق محمد الذهبي مع
ممثلين عن حركة حماس منذ ثلاثة أسابيع، الكثير من التساؤلات حول هدف كل
من الطرفين, إذ يرى أنصار حماس أنه يستهدف بحث مستقبل العلاقة بين
الطرفين ومعالجة الملفات الأمنية والسياسية العالقة، بما في ذلك الأوضاع
في غزة, في حين تؤكد المصادر الاردنية أن اللقاءات ﻻ تهدف إلى تأسيس
تحالف في مواجهة حركة فتح والرئيس الفلسطيني محمود عباس ﻷن السياسة
اﻻردنية ﻻ تقوم على لعبة المحاور, خاصة ان العلاقة مع عباس تسبق العلاقة
مع الحماسيين, وتسبق خاصة اندلاع الصراع بين السلطة الفلسطينية وانقلابيي
حماس, وهي لم تكن في الأساس موجهة ضدهم .
وإذا كان بعض قياديي الحركة, المتواجدين خارج منطقة النفوذ الحماسي في
غزه, يؤكدون أن حركتهم تسعى لعلاقات دافئة مع كل دول المنطقة خاصة
العربية ,وأن لا علاقة لمحادثات عمان بالخوف من نتائج اتفاق سلام
اسرائيلي مع الحليف السوري ، وأن وراء هذه اللقاءات قواسم وأهدافا مشتركة
كبيرة، وأن حماس أقرب من غيرها في الساحة الفلسطينية للاهداف المتعلقة
باﻻردن مثل اللاجئين والقدس والدولة الفلسطينية, فان المؤكد أن لقيادة
الانقلاب الحمساوي في القطاع وجهة نظر مختلفة, ما دعى محاوري عمان إلى
الإعلان بأن اﻻردن هو من بادر, وأن دور حماس اقتصر على التجاوب على أمل
أن يفضي الحوار الأمني إلى لقاء بين القيادات السياسية، عشية ما وصفوه
بتغييرات كبيرة وتحركات على الساحة السياسية ستشهدها المنطقة بعد
الانتخابات الرئاسية الأميركية .
والمؤسف أن مصادر ما يوصف بالحركة اﻻسلامية في اﻻردن تبرعت بالاعلان أن
الحوار بحث ترتيب العلاقة بين الحركة والحكومة اﻻردنية على أساس عدم
التدخل في الشؤون الداخلية للاردن وشؤون الاسلاميين فيه, وعدم انضمام
الحماسيين للتنظيمات ذات الصبغة الاسلامية في الاردن, والالتزام بعدم
تهريب اﻻسلحة أو تخزينها أو نقلها من اﻻردن ألى اﻻراضي الفلسطينية وعدم
اطﻼق تصريحات إعلامية أو بيانات تسيئ إلى علاقات اﻻردن مع الدول العربية
أو الصديقة, وكأن مثل هذه الامور تحتاج إلى حوار , وكأنها لم تكن سبباً
في حالة الجفاء التي سادت علاقات الطرفين, وكان حرياً بمن تبرع بهذه
التصريحات أن يؤكد أن الحماسيين استوعبوا الدرس, ووصلوا إلى قناعة بأن
الدولة الاردنية غير راغبة في التنازل عن أي من قناعاتها تجاه أمن
مواطنيها , أو السماح لكائن من كان أن يتدخل في قراراتها السيادية.
وكنا نتمنى على إسلاميينا, الاكتفاء باعتبار الحوار عملاً سيادياً للدولة
الاردنية مع فريق سياسي فلسطيني, يستهدف مصلحة الطرفين, دون أن يتبنى
هؤلاء مطالب تراجع الحماسيون عنها مثل افتتاح مكاتب إعلامية, أسوة بما هو
قائم للسلطة الفلسطينية التي يتعامل معها الاردن مثلما يتعامل مع بقية
الدول, إلا إذا كان الإسلاميون الأردنيون يطلبون الإعتراف بسلطة
الإنقلابيين في غزة باعتبارهم دولة أو مشروع دولة, وهنا تكون الخطورة قد
بلغت مداها, ويكون مطلوباً إفهام الجميع أن السلطة الفلسطينية باعتبارها
أحد إفرازات منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها كممثل شرعي وحيد للشعب
الفلسطيني, هي العنوان الوحيد للتعامل معه أردنياً, وأن حركة حماس لن تجد
لها مكاناً إلا باعتبارها فصيلاً فلسطينياً يختلف في الرؤية والاهداف عن
باقي الفصائل الوطنية التي تناضل لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة, وهو
ما تعتبره الدولة الاردنية هدفاً لايمكنها التنازل عنه, حفاظاً على حقوق
الأردنيين والفلسطينيين الوطنية .
والخلاصة أن على الاسلاميين الاردنيين التوقف عن محاولة الإيحاء بأنهم
وحماس تنظيم واحد لأن في ذلك ضرراً للحماسيين أكثر مما فيه نفع لهم ,
والكف عن استثمار الحوار مع السلطات الاردنية لأهداف تنظيمية داخلية .