يستشعر القلم بألم القلب فيجمع على صفاء ورقة الحروف علها تتذكر ان نفعت الذكرى جمالية حبٍ زرعت في قلبِ كلٍ منا, اتألم انا كاتب السطور هذه البالغ من العمر ربع قرنٍ الا اشهرٍ مما يحدث في بلدي, ولا اقصد هنا حدثاً بل المقصود ردة الفعل على ما بعد الحدث, ولا اخفي الخوف الذي يعتلي قلبي مما قرأتُ على مواقع التواصل الإجتماعي, فبعد حادثة الزرقاء و خلاف بسبب إصطفاف سيارة ليؤدي لقلب عربة يليه قلب سيارة, في منطقة يعلم اهل الزرقاء وزوارها باكتظاظها وحال فقرها, مشكلة في غرابتها من قلب للسيارة والتي هي كانت محور القصة معتادة وغير غريبة على مدينة للأسف تعاني من مشاجرات لأسباب عديدة, لكن المفارقة امتدت بأن قام صاحب السيارة الذي صدم البسطة بسيارته بالهروب الى داخل احد بيوت الله (الكنيسة) ليقوم الأخر وهو صاحب بسطة من ذوي الأسبقيات و الذين يجاهرون بالمعصية ..
لكن ما يمزق القلب حقاً ليسيل الدمَ منه دمعاً هو بعض التعليقات على صفحات الفيسبوك من اشخاص رأو في الأمر صراع طائفي بين مسيحيين ومسلمين, وهؤلاء هم الكارثة الحقيقية فهذا مساس بالوحدة الوطنية بحق, فأنا العشريني لا اظن ان اسمع يوماً ان يجتمع مسلم او مسيحي في اي سياق غير المحبة, فهذا وزن كلامي لا يركب مع عقول ابناء الأردن من شمالها وجنوبها ووسطها, فأجمل ما في الأردن هو بعدنا عن الطائفية واشكال العنصرية ونبذها لنا بل عدم وجودها في قواميسنا الداخلية, والأن اخاف ان يقوم البعض بقصدٍ او بغير قصد بزرع بذرة للطائفية وإن كان مرادهم اصلاح ذات البين فبعض الأمور خير ردها واصلاحها هو بالسكوت عنها, فأحد الصحفيين والإعلاميين كتب على صفحته معلقاً على الحادثة مطالباً الأردنيين بالتوحد "نكتة التعايش والتسامح" ,و لا ادري ماذا قصد بهذا الكلام, السؤال هنا هل يتوحد المتوحدون ؟ وهل تعايشنا وتسامحنا نكتة؟
الإجابة: لا.. فالتسامح والتعايش ليس نكتة بل هو مكون طبيعي نشأنا عليه حتى سرى في عروقنا, وفي خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في عيد الإستقلال ال70 ومئوية الثورة افضل الإجابة :" أستلهم رؤية الشريف الحسين الثاقبة بالدعوة إلى الوحدة والحرية والتعددية، ومن دعوته للتعايش والإخاء الديني، حين قال "العرب عرب قبل أن يكونوا مسلمين أو مسيحيين". وفي ذات الخطاب قال جلالته "وبالرغم من كل التحديات، إلا أن وحدة الأردن الوطنية الراسخة، وتناغمه الاجتماعي، واجتـنابـه للعنف يزيده صلابة ومنعة كل مرة".
فكيف لفعل شاذ عن طبعنا ان يؤثر على وحدتنا وهي اجمل ما فينا,المسجد والكنيسة هما بيوت كل اردني ومكانتها غالية على كل اردني,والمسلم والمسيحي ما يجمعهم كأردنيين لا يمكن ان يفرقه فعل شاذ غير معتاد, وهنا استذكر من ماضي عائلتي قصة, ففي بداية نشوء اسرتنا سكن والداي في بيت اسرة مسيحية وكان شقيقي الأكبر حديث الولادة وكانت من عادات السيدة صاحبة البيت ان تقوم بالصلاة على شقيقي الطفل وتدعو له بالحماية بإسم الروح القدس , الصورة الجمالية تكمن في ان سيدة مسيحية تصلي على طفلٍ مسلم بحضرة امه الشيشانية فما اجملكِ يا بلدي, والأحلى ان امي لم تعتبر ذلك يوماً فعلاً غريباً فقد حظيت بحب امرأة كبيرة لطفلها الصغير وكلما روت امي لي حكايتها ترحمت على روحها..وكم من بيوتٍ اردنية تزين ذاكرتها بقصص مثل هذه تكفي قصة واحدة منها لترد على افعالِ شاذة مثل هذه لا تمت بأردننا بأي صلة.