إسرائيل من احتلال عنصري إلي احتلال إثني!
رجا طلب
18-06-2016 12:06 AM
شكل تعيين نتانياهو لافيغدور ليبرمان وزيراً للدفاع بدلاً من موشي يعلون صدمة كبيرة في الأوساط العسكرية والسياسية داخل إسرائيل، فليبرمان عديم الخبرة بالشؤون العسكرية، وعدم الخبرة هذه لن تمكنه من اتخاذ القرارات التي تخدم ما يسمى بالمصالح الوطنية الإسرائيلية. هذا علاوة على أن انغماسه في العمل السياسي كان عبر رفع شعارات عنصرية ضد العرب والدعوة إلى سياسات متطرفة ضدهم تظهر عدم أهليته للجلوس في موقع صناع القرار.
ومن أبرز ما دعا ويدعو إليه ليبرمان ما يلي:
• يدعو إلى احتلال قطاع غزة مرة أخرى والرجوع عن قرار أرييل شارون بالانسحاب من القطاع المتخذ عام 2005 .
• يؤمن بضرورة طرد أعضاء الكنيست العرب من " إسرائيل " الى الضفة الغربية، كما انه يؤمن بسحب الجنسية الإسرائيلية من أبناء القدس أو عرب إسرائيل في حال ارتكابهم " أعمالا إرهابية ".
• يعارض تماماً تقييد نشاطات المستوطنين في المسجد الاقصي أو منعهم من القيام بأعمال إرهابية وعدوانية داخل الضفة الغربية، كما يعارض محاكمتهم على أثر قيامهم بالأعمال المتطرفة ضد العرب.
ويقول موشي أرينز وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق عن تعيين ليبرمان :" أن هذا التعيين يعتبر خطأ كبيراً، لأن منصب وزير الدفاع يجب أن يتقلده رجل مؤهل ذو خبرة طويلة".
أما الجنرال يسرائيل زيف فيقول " إن القرار يعتبر مخاطرة أمنية، وإنه يجب عدم المغامرة بمنصب وزير الدفاع لأن النقاش لا يدور حول كونه إنساناً مدنياً أو عسكرياً، وإنما عن نقص الخبرة لديه " .
والسؤال إذاً لماذا خاطر نتانياهو وقام بهذا التعيين في وقت حساس سياسياً ؟؟
الجواب هو توسيع الائتلاف الحكومي من أجل دعم استقرار حكومته وتقويتها في مواجهة التنافس الحزبي الداخلي ومن أجل إغلاق الطريق تماماً على أية فرص للسلام مع الجانب الفلسطيني .
ولكن السؤال الاستراتيجي الذي يطرحه الإسرائيليون أنفسهم، ما انعكاس ذلك على هوية إسرائيل السياسية وهويتها " الديموقراطية " ؟
يجيب موشيه يعلون نفسه على هذا السؤال بقوله إن التطرف والعنصرية يهددان المجتمع الإسرائيلي ويتسللان إلى الجيش.
أما أبرز تحليل يشرح طبيعة التحول الذي يعكسه قرار تعيين ليبرمان وزيراً للدفاع فقد كتبه د. شلومو أغوز - أستاذ السياسة والإعلام في الكلية الأكاديمية في هداسا حيث أشار في مقال له تحت عنوان " تغيّر تدريجي في هوية اليمين التاريخي وصعود تيار اليمين الإثني في هآرتس إن كثيرين يرون في التغيير الذي طرأ على تركيبة الحكومة تعبيراً عن تحرك الطبقات التكتونية التي تستند إليها المنظومة السياسية في إسرائيل. وقد نشأ هذا التحرك جراء تزايد الضغوط من الأسفل نحو الأعلى. ويعبر التحرك الحالي عن تغيير تدريجي في الهوية الفكرية لليمين الإسرائيلي.
أما أبرز ما توقعه أغوز من نتائج لمثل هذا القرار ولمثل هذا التغيير ما يلي:
أولاً: ان البعد الإثني الذي يتصل بمركزية المكون اليهودي في هوية الدولة والتوازن بين هذا المكون والمكون الديموقراطي، ازداد قوة داخل معسكر اليمين وتمدد على حساب المساحة الديموقراطية، واستدل اغوز على ذلك من خلال:
• اقتراح إلغاء اللغة العربية بصفتها اللغة الرسمية الثانية في الدولة.
• اقتراح عضو الكنيست بتسليل سموتريتش الفصل في غرف الولادة بين النساء اليهوديات والنساء العربيات.
ثانياً: إن ازدياد قوة البعد الإثني يؤثر على العلاقة بالأقليات بصورة عامة، وليس فقط على العلاقة بالعرب، وتدل معارضة هجرة المهاجرين من أفريقيا على أن الخوف من خسارة الهوية اليهودية لا ينحصر فقط بالنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.
ثالثاً : إن التسامح والتعددية ستتضرران إن ضعفت مكانة اللغة العربية داخل إسرائيل، اللغة التي يتحدث بها نحو خمس سكان الدولة، كما أن المبادرات لإضعاف مكانة المحكمة العليا ستزيد قوة السلطتين الباقيتين "الكنيست والحكومة" اللتين تمثلان قرار الأكثرية. وهذا سيضعف مبادئ ديموقراطية إضافية، مثل المحافظة على حقوق الأقليات وحقوق الفرد. وتعكس تصريحات داني دانون بأن إسرائيل ديمقراطية، زيادة عن اللزوم هذا التوجه.
ويخلص أغوز إلى نتيجة مهمة للغاية ألا وهي أن اليمين التقليدي التاريخي المؤمن بمبادئ "زئيف جابوتنسكي" من أمثال رئيس الدولة رؤوفين ريفلين وعضو الكنيست بِني بيغن ويعلون وغيرهم لم يعد قادرا على إيجاد مكانة له وسط هذا اليمين الإثني الجديد، أما الليبراليون داخل اليمين التقليدي حسب تصنيف أغوز من أمثال دان مريدور، وميخائيل إيتان، وإيهود أولمرت وتسيبي ليفني لم يعودوا قادرين على الاستمرار في الحياة السياسية في ظل هذه المعادلة حيث باتوا عديمي الهوية فهم ليسوا يميناً بالمعنى الجديد وليسوا يساراً بالمعني التقليدي القديم .
.... من خيرات توجهات نتانياهو هذه أنه بات يأخذ المجتمع الإسرائيلي نحو صراع داخلي سيكون قاسياً وقادراً على تفتيت قوة التوحد في وجه الخارج ، ولذا علينا أن نقول له " شكراً بيبي " واستمر والى الأمام .