شاشات التلفزيون متخمة بالبرامج الحوارية والترفيهية والدعوية الدينية والدراما، الانتاج الفني يخرج كل ما في أحشائه على «الشاشة الصغيرة « في شهر رمضان. دراما وكوميديا وحوارات ومسابقات تتسابق بلهفة لتنال موقعا على خريطة تربك مشاهدها، وتصيبه بالتخمة كما هي عادة موائد الطعام في الشهر الفضيل.
التلفزيون الاردني بالطبع خارج المنافسة في رمضان وليس هذا العام فحسب،
الاردنيون يلتفتون لمشاهدته بخجل وحياء شديدين، ولربما أنه ما زال مرتبطا بفترة الغروب ونشرة أخبار الثامنة، وهي مواعيد تقليدية ماعادت تجذب الاردنيين لمتابعة شاشتهم الوطنية، في ضوء ما يطرح من بدائل اعلامية تخفف على المشاهدين معاناة متابعة التلفزيون الاردني.
رمضان مناسبة موسمية لتفرد شركات الانتاج الفني حصاد انتاجها المميز واللافت خلال العام، وهو مناسبة اكبر لاقتناص الفرصة لاستعادة الاموال الباهظة التي تم انفاقها على المسلسلات والبرامج الترفيهية والحوارية، فيتصارع المنتجون على استرداد أكثر من مئة مليون دولار تنفق سنويا على الدراما والبرامج الرمضانية.
الاعلان التجاري ينشط في رمضان، وهي تشير الى طبيعة نمط المال المتدفق في الاقتصادات العربية، فابرز اعلان مروج قد يكون لـ»نوع شيبس أو شوكولاته أو «بامبرز أطفال «، اضافة الى اعلانات ترويجية يمل المشاهدون عادة منها .
في رمضان ينشط متسولو برامج المسابقات ومنتظرو ضربة الحظ، واعلانات النشاط الخيري توظف كمجرد ادوات اعلامية لضبط العمل الاجتماعي وللتخفيف من احتقان الفقراء المدكن بالغضب والاستنفار الطبقي، فاعلانات مبادرات الاعمال التطوعية وافعال الخير والبر والاحسان ليست الا وسيلة ديكورية لتوزيع «فتات الفتات « على الفقراء والمعدمين.
دراما رمضان لهذا العام تلاحق دروب ومسالك الارهاب، حرب درامية من خلال الشاشة على التطرف والتكفير، هندسة حبكتها الدراما قلما تحرك ما هو راكد من أسئلة في المجال العام عن التطرف والتكفير والارهاب. تتنافس المسلسلات على تعرية صورة الارهابي دون تقديم معالجات اجتماعية وسياسية درامية ما ورائية ولادة الارهابي والمتطرف والتكفيري، حتى غدت الصورة تكرارية في الدراما التلفزيونية، ومن يراقب مسلسلات رمضان يضع يده على الجرح الملتهب في العقل الدرامي العربي، أما برامج الحوارات فهي تدور في فلك واحد، فضيوف الحلقات يدورون على المحطات الا من رحم ربي. ولغة الحوار ما زالت بذات الفجاجة والحشو والرتابة ورهينة لاستفزاز اعلامي سطحي وسخيف باثارة جمهور المشاهدين وجذبهم للمشاهدة.
شاشة التلفزيون تبتلع كل شيء في رمضان، وعبر الشاشة ترى كيف يتحول العالم الى ايقونات «هوائية « تبحث عن الشهرة والنجومية، وأخرى تقاوم الموت والاندثار، ويبقى المتفرج صاحب سلطة تسجل انتصارات افتراضية على شاشة التلفزيون، يشارك الدراما في الحزن والفرح، ويدخل في سباق اللعنات على الوضع القائم، يشتم ويلعن باستنفار، ويشاهد برامج الحوارات ويحتار لاي طرف يمكن أن ينحاز،ويشاهد برامج الدعوية ولا يعرف لطريقة أي شيخ يتبع.
الدستور