رمضان بين تلبية الطقوس وتربية النفوس .. د.فايز الربيع
14-06-2016 04:17 AM
منذ عقود ونحن نشهد شهر رمضان والحمد لله ؛ وإذا قلت أن رمضان على مستوى الطقوس كأن أفضل وأبسط في الماضي قد يشاركني الرأي الكثيرين . اذكر أننا ونحن صغار لم تكن أية عائلة في محيط المكان الذي نسكنه تفطر لوحدها كنا نأخذ افطارنا – ونرص الأطباق في مكان واحد – الكل يأكل مما يصنعه الكل ؛ والطعام يتم تداوله بين الجميع – مهما قدمت فالمعروض كثير ؛ وبعدها يسهر الناس ويصلّون مع بعضهم – منتهى البساطة والتعاون .
عندما يبدأ شهر رمضان تكون العبارات المتداولة في خطب الجمعة وفي الدروس وفي الوعظ واحدة . ولو أن الوعظ والخطب تؤثر في أمة المسلمين لكانت من أفضل الأمم . ولكنني لا ارى اثراً لذلك في حياتنا نحن لا ننظر بعمق الى كنه الصيام – فلو نظرنا الى قوله تعالى ( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) – ونظرنا الى مشقة الصيام كيف يمكن أن يكون ذلك ( يسراً ) – أن الجمع بين الاضداد – وهذه هي قوة العبادة بين الامتناع عن الطعام والشراب – مع المقدرة عليه ؛ بين الامتناع عن الشهوات مع المقدرة عليها – بين الأمتناع عن لغو الكلام وأنت قادر عليه ولذلك كان بعض أنواع الصيام القديمة . هو الأمتناع عن الكلام ويسمى ذلك صوماً لا صياماً – ( أني نذرت للرحمن صوماً فلن اكلم اليوم انسياً ) – كيف يمكن أن يمكن ان يكون للصوم فرحة – وما هذه الفرحة – هل نشعر بها . لم يتحدث الحديث عن فرحة العيد – وهي واجبة . لكنه تحدث عن فرحة الإفطار بعد الصيام ( للصائم فرحتان ) احدهما عند الافطار والثانية عند لقاء ربه .
قيل ( ليست السعادة ان تملك كل ما تريد – ولكن السعادة أن تريد ما تملك ) – ما معنى ذلك . قد تملك اشياء كثيرة ولكنك لا تستمتع بها – ولا تحس بالنعمة التي انت فيها . وهذه مشكلتنا عندما قال تعالى ( الهاكم التكاثر – حتى زرتم المقابر ) – الناس الذين ملكوا كل ما يريدون – كثير منهم لم يكونوا سعداء – بل ربما انتحر بعضهم لماذا – لانهم نسوا ان يريدوا ما يملكوا – من عنده اسرة - زوجة – اطفال - حد من الرزق يكفيه ؛ بيت يؤويه – ونظر الى من هو دونه بدون زوجة واطفال – او بيت – لا شك انه يستمتع بما يملك .
من كان اّمنا في سربه – معافى في بدنه – ونظر الى غير الآمن والمريض لا شك انه سيكون سعيداً . نظام المقارنات يجب انه يكون في الدنيا لمن هو أقل وفي الدين لمن هو أفضل – وبالتالي تكون السعادة .
اذن الدين ليس طقوساً بدون محتوى او معنى – والقرأن تحدث ( لعلكم تتقون ) – اي يكون هدف- من الصيام – ما نراه اليوم في مجتمعنا منافٍ تماماً – لما هو مطلوب – العنف المجتمعي – حوادث القتل – المشاحنات كلها مظاهر تدل على أن الصيام لا يزال في اطار الطقوس وليس في اطار تربية النفوس . الفقر اكثره في العالم الاسلامي – مع ان اغنياء المسلمين يستطيعون سد جوعهم وفقرهم – ولكن القاعدة ما جاع فقير الا بما أتخم به غني .صحيح أن مظاهر البذل في رمضان والانفاق تزداد – وأن هناك خيراً في بعض ابناء الأمة . ولكن واقع الأمة – وظروفها وحروبها وتدمير اقطارها – والظلم الواقع عليها – وانفصام شخصيات كثيرة ممن بيدهم قرارها – ادى الى أن رمضان الأسلام هو غير رمضان المسلمين . بعكس ما قرأناه عن رمضان المسلمين والأمة عمل فيها رمضان عمله في تربية النفوس وليس في تكريس الطقوس .