فريحات يكتب: رمضان في الاردن .. مشاجرات ورصاص!
محمد خير فريحات
12-06-2016 11:00 AM
هل وصل بنا الحال نحن الشعب الأردني أن نختلف ونتشاجر بل ونطلق الرصاص على بعضنا خلال افتتاح مسجد!! تبا وسحقا لنا!!.. نتشاجر بالرصاص بمناسبة إفتتاح مسجد!!.. أي حال هذه؟!
المسجد.. المكان الوحيد الذي يفترض أن يجمعنا ويوحدنا كما هو منذ عهد الرسول صلوات الله عليه، أصبح اليوم يُفرّقنا!! بل ونتبادل إطلاق الرصاص في أروقته وباحاته المحرَّمة!!
بدلا من أن نتوحد حزنا وحسرة وألما عقب فاجعة الاعتداء الإرهابي على أبنائنا في مركز مخابرات البقعة، بدلا من ذلك، صُدمنا بأربع مشاجرات وحوادث أليمة تخللها إطلاق رصاص وقتلى وجرحى خلال الأسبوع الأول فقط من شهر رمضان المبارك، شهر المغفرة والرحمة والهداية والسلام!!
في البداية، استقبلنا صبيحة الشهر الفضيل هذا الحادث الإرهابي الجبان الذي هز أعماقنا كونه لم يراعِ أي حرمة لأيام رمضان المباركة، وكونه أدى الى إستشهاد مواطنين أبرياء ذنبهم الوحيد أنهم كانوا يحرسون الوطن ويحمون المواطن.
عقب ذلك بأيام قليلة، صعقتنا مشاجرة الجبل الأبيض في الزرقاء التي أودت بحياة مواطنين على الأقل بخلاف الجرحى، ثم تبعتها مشاجرة في قرية صمّا بين عشيرتين والسبب موقف سيارة!، تخيلوا موقف سيارة أدى بالعشيرتين الى إطلاق الرصاص على بعضهما، ما أدى الى إصابات بين أبناء العشيرتين.
أما المشاجرة الأحدث والأغرب على الإطلاق، هي تلك التي شهدتها منطقة "طاب كراع" في شفا بدران، وسبب الغرابة في هذه المشاجرة يعود الى عدم معرفة أسبابها حتى الآن ومنذ أكثر من يومين حيث تم خلالها إطلاق الرصاص، والسبب الثاني أنها حدثت خلال إفتتاح مسجد في المنطقة بحضور وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية!!
ويوم أمس تحديدا، يترجل مواطن من مركبته ويطلق الرصاص على آخر في منطقة الجيل الشمالي بالزرقاء مرة أخرى!!
كما يبدو من واقع الحال أن الشياطين التي من المفترض أن تصفّد في شهر رمضان، يقوم الأردنيّون بفتح الأبواب لها على مصراعيها لتفعل أفاعيلها وتُحدث الفرقة والخلافات والمشاجرات بين أبناء الشعب وحتى بين أبناء العشيرة الواحدة!!
لماذا نمنح هذه الشياطين وقتا رائعا لتحظى به؟.. ماذا حصل لنا؟ لماذا أصبحنا هكذا منفعلين دوما، جاهزين متوثبين لإحداث أي مشاجرة في أي زمان ومكان ولأتفه الأسباب؟
لماذا لم نعد نطيق بعضنا؟ لماذا لم نعد نحتمل بعضنا؟
لا أريد أن أقول كما قال شاعرنا الكبير عرار: "لله قومي كيف عكّر صفهم.. طيش الشيوخ وخفة الشبان".
"هل تبدلت غزلانها بقرودها" كما يقول المثل؟.. أم أننا أدمينا تناول "تحميلة" الحماقة و"حقنة" الجاهلية الأولى؟
نحن الشعب الأردني كما هو معروف عننا بأننا "لا نضحك للرغيف الساخن" بسبب كشرتنا الاردنية، هذا صحيح ولا يمكن إنكاره، كونه أصبح حقيقة واقعة معاشة، لكن أن يصل بنا الحال الى ما وصل اليه هذه الأيام، فهذا ما لا يمكن تصديقه عنا نحن الأردنيين المتسامحين مع بعضنا، المتحابين! نحن الذين نهبّ لنجدة المظلومين وإيواء المساكين والمستضعفين، ومنح الأمان لمن يدخل علينا!!
من غير المعقول أن يصبح الشغل الشاغل لقوات الدرك اليوم هو الفزعة بين المواطنين، قوات الدرك لديها مهام أخرى، وأبناؤها مواطنون منا وفينا، لديهم همومهم ومشاكلهم الخاصة، وأيضا لديهم حياتهم التي تتعرض لخطر الموت في كل مرة يفزعون فيها خلال المشاجرات، والشواهد كثيرة التي خسر فيها عناصر من قوات الدرك أرواحهم خلال تضحيتهم من أجل الوطن والمواطنين، فهل هكذا نكافأهم؟! هل هكذا نقول لهم شكرا؟!
إذا كُنا لا نريد أنه نضع الوطن نصب أعيننا، فلا بد أن يكون الله!!