الأردن جزء من بلاد الشام، ظهر كدولة بعد تقسيم سايكس وبيكو للأرض العربية التي كانت تحكمها الدولة العثمانية! وهذه الأرض الأردنية محدودة الموارد يغلب عليها الصحراء حتى أن الدولة نفسها لم تكن قادرة على تلبية الاحتياجات المالية لبناء دولة مما جعلها مضطرة لطلب المساعدات ولا تزال حتى اليوم دولة معتمدة لأن القوى الاستعمارية أرادت لها ذلك!
ولفقر الدولة لم يكن أمامها خيارات مريحة بل وجدت نفسها مجبرة لاستقبال المهاجرين ولخوض حروب معروفة النتيجة مسبقاً.
لقد حاول عبدالله الأول حماية الأردن من الضياع واستطاع ذلك بالرغم من شمول وعد بلفور أرض الأردن وهذا نجاح سياسي يسجل للملك. وجاء الملك الحسين وأدرك ضعف الدولة فقبل أن لا يكون الرجل الأول في الاتحاد الهاشمي بين الأردن والعراق كل ذلك في سبيل إيجاد دولة أكبر فيها مقدرات فسارعت الدول الاستعمارية الى إجهاض المشروع بطريقة دموية مستخدمة البيدق الشيوعي عبدالكريم قاسم.
وبقي حلم بناء دولة أكبر وارداً فكانت الوحدة مع الضفة الغربية وهي وحدة تناقض وعد بلفور مما عجل بحرب ١٩٦٧ بكذب العرب على أنفسهم بأنهم قادرون على تحرير فلسطين وكان النفخ الناصري الذي خدع ذاته وخدع أمته!
واليوم وبعد هذه التجارب الوحدوية والحربية رضي الأردن بأرضه واستمر في بنائها واستطاع جعل المملكة نموذجاً ضمن معادلة المقدرات والموارد . ومع هذا لم يسلم الأردن من التآمر من النظام الناصري والنظامين العفلقيين في سوريا والعراق، واستخدموا يوماً من أسموا أنفسهم مناضلين فأعلنوا عمان هانوي العرب ، وصمد الأردن أمام الفحيح الصهيوني فرفض الأردنيون والفلسطينيون معاً فكرة الوطن البديل ووقفوا معاً لتكون دولة فلسطين غرب النهر لا شرقه، ولما جاء خميني راح يصدر الثورة وقام سفراؤه بإنشاء خلايا نائمة في العراق وسوريا واليمن ولبنان لكن الأردن كان بالمرصاد وتحطمت فكرة إنشاء خلايا نائمة في الأردن . وبعد قتال الأفغان ورجوع الشباب العربي الذي شارك مع الأفغان كان لابد من الوقوف في وجه المكفرين منهم ، فظهرت القاعدة ومن ثم داعش وجماعات التكفير وراحت أجهزة معروفة تستخدم هؤلاء في التفجير والقتل والاغتيال ، وظهرت الميليشيات الطائفية وراح قاسم سليماني يتحرك علناً و كأنه لورنس العرب مرة في الغوطة ومرة في حلب ومرة في الفلوجة وربما عن بعد بتفجير هنا أو هناك ولم تغب الأصابع الصهيونية من الاستفادة من حالة الفوضى التي لم يمر مثلها.
الأردن واع لما يجري ويجب أن يتكامل الوعي الرسمي مع الوعي الشعبي للحيلولة دون وقوع المحظور . وفي هذا السياق يجب النظر الى الحادث الأخير والذي لن يكون الآخر .