حجم الغضب المحبوس في صدور الناس، واضح أنه وصل الى درجة كبيرة، غضب من كل شيء وغضب من لاشيء غضب من المناخ، غضب من الظروف الاقتصادية، غضب من الفقر، غضب من البطالة وغضب من حجم التكاذب الاجتماعي الذي يهيمن على قطاعات عريضة من المجتمع .
هذا الغضب المسكون في الصدور يحتاج الى تنفيس، ويحتاج الى قراءة سريعة من أصحاب الاختصاص ومن رجالات الدولة في كل مواقعهم ... لا يعقل أن تظل نظرية التطنيش هي النظرية السائدة، نحن هنا لا نتحدث عن رحيل حكومة وقدوم أخرى ولا عن استجابة للتحديات ولا عن قرارات بل نتحدث عن حالة من التراكم موجودة لدى قطاعات عريضة من الناس، وصلت الى مرحلة الغليان، ما نشاهده في الشارع يوميا وفي المنتديات وفي الاحداث التي تجري، وظاهرة العنف المتسارع الى درجة الانفجار على أتفه الاسباب، تجعلنا نصل الى حتمية التفكير بخلق مناخات جديدة في البلاد .
مطلوب من الدولة أن تسعى الى مقاربة جديدة تقوم على نظرية التنفيس واحتواء الناس وخلق مناخات من الارتياح بعيدا عن حالة التشظي القائمة التي لا تحمد عقباها، مطلوب التفكير من خارج الصحن كما وصف ذلك ذات مرة رئيس الوزراء المخضرم والسياسي العتيد طاهر المصري، مطلوب سعة افق وقراءة سريعة للواقع الذي يمر به الناس، لم تعد الانتخابات وسيلة وحيدة تقوم على الهاء الناس في استحقاق يمضي يشغل الناس عدة شهور .
كتبنا في هذه الزواية اكثر من مرة عن قرارات مطلوبة، يحتاجها الناس ولا داعي لذكرها مرة أخرى، ولكن تحتاج الى تفكير عميق من دوائر القرار بالنتائج المترتبة على عقلية وثقافة المنتصر، شعبنا يثبت يوما بعد يوم أنه شعب واع وقادر على التحمل لكن الى درجة لا يمكن أن تستمر طويلا، ولا بد من أخذ ظروفه بعين الاعتبار، والتعامل معها بجدية .
نشعر بقلق كبير ازاء الذهنية السائدة، ونشعر بقلق كبير ازاء نمط التطنيش ونمط التهميش وندعو الى فتح الافق على مقاربات جديدة تقوم على تخفيض مستوى الاحتقان وتعتمد نظريات التنفيس حماية للوطن والمستقبل في ظل التحديات القائمة والاقليم الملتهب.
الدستور