فؤاد العوران .. الى رحمة الله.
د. صبري ربيحات
09-06-2016 04:31 PM
لم يكن فؤاد العوران معلم الفلسفة في نهاية الستينيات و المدير الفذ للطفيلة الثانوية لاكثر من عقدين من الزمن معلما عاديا ولا مدير مدرسة كغيره من المدراء فقد كان اكثر الشخصيات التربوية حضورا في تاريخ الادارة التربوية لمحافظة الطفيلة ومن بين الافضل في تاريخ ادارة التعليم الاردني .
لا اظنه كان ينتظر جائزة للتميز ولا يسارع لزف انجازاته ونجاحاته لاحد فلم يكن يتطلع الى ان يجري نقله لموقع اخر او يرضي احدا في اي مكان فقد كان مكتفيا بانه يخدم بلده ويؤدي رسالته بصدق وحب واعتزاز.
لسنوات وعاما بعد عام استطاع التربوي الفذ ان يهذب نزعات التمرد على النظام التعليمي لعشرات من الطلبة في الزمن الذي كان فيه الفرق العمري بين الطلبة والمعلمين محدودا.
كنا نشعر ان سلطة ابا بلال الاخلاقية تتفوق على كل سلطة حولنا فقد احبينا الهيبة التي اسبغها على المكان فله هالة وحضور يصعب على اي من عاش في زمن ادارته وحضوره ان لا يلمسها.
طوال السنوات الثلاثة التي امضيتها طالبا في المدرسة التي كان فؤاد العوران مديرها تعلمت معنى ان يكون للانسان قوة تتعاظم كلما تجنب استخدامها , فلا اذكر اني رايته يضرب طالبا او يرفع صوته على احد فقد كانت نظراته وحضوره وصمته كافيا للوصول الى كل النهايات التي يراها.
الطفيلة الوادعة التي كانت وستبقى تفخر انها انجبت رجالا على شاكلة فؤاد العوران تعبر عن حزنها اليوم وهي تودع الرجل الذي ظل مخلصا لهوائها واشجارها وجبالها واهلها متمسكا بقيم الانسانية ورسالة التربية التي جسدها دون ان يلقي بالا لغير ما كان يرى انه اخلاقيا ومناسبا وعمليا نابعا من الواقع ومتطابقا مع روح المكان والزمان .
لقد كان فؤاد العوران وسيبقى احد اهم الاعلام الذين لا يختاف اثنان على ان لهم بصمات على نفوس واخلاق ومسيرة المئات ان لم يكن الالاف ممن كان لهم شرف العمل برفقته او الاطلاع على النموذج الذي مثله في الادارة والاخلاق والسلوك.
في مرات عديدة حضرتني صورة الرجل عندما كنت ابحث عن تعريف ادق واوضح للرجولة والدماثة والمهابة والصدق والاعتزتز المهني فقد كان ابا بلال مدير مدرسة ثانوية بهيبة امير ومديرا للتربية والتعليم يحظى ما يقوله وينصح به بقبول الجميع عن طيب خاطر لا لشي بل لايمان العاملين بمعيته بصدقه وعفته ونزاهته.
الرحمة لاستاذنا الكبير فؤاد العوران واطيب العزاء لاسرته وتلامذته ومحبيه وكل ابناء العوران ومحافظة الطفيلة واسرة التربية والتعليم وكل من عرف واحب الرجل....برحيل فؤاد العوران اليوم تكون الطفيلة قد فقدت احد اهم اعمدتها ورواسيها التي كانت تمدنا بالكثير ممانحتاج له حتى وان لم نراها........