في شهر رمضان تنشط فرق التفتيش في وزارة الصناعة , ولإثبات الفعالية تضرب التجار بالمخالفات طولا وعرضا ولإثبات النتائج تدفع يوميا بنشرة تعداد للمخالفات تتصاعد يوما بعد يوم .
الأصل أن يؤدي نشاط فرق التفتيش الى تراجع المخالفات لكنها بحسب النشرة تتصاعد يوما بعد يوم !!.
كأن حجم المخالفات الكبير والمتزايد يريد إثبات واحد من أمرين , الأول أن التجار « شياطين « لا يلتزمون بأخلاق السوق ويستثمرون إرتفاع الطلب في الشهر الكريم فيرفعون الأسعار غير المحددة أصلا أو يمارسون الغش والتضليل , أما الثاني فهو إثبات جدية الحكومة وأجهزتها في ضبط السوق وإن كان لا دخل لها في التسعير لكن مجرد تكريس الإنطباع بالسيطرة سيريح المستهلك بإعتباره ليس وحيدا في مواجهة التجار الشرسين !.
يصاحب شهر رمضان المبارك من كل عام إنطباع بأن الأسعار سترتفع , لأن التجار يستغلون زيادة الطلب فيرفعون الأسعار والصحيح أن الضجيج الرقابي الذي تفتعله أجهزة الحكومة الرقابية هو ما يخلق هذا الإنطباع ما يعززه هو المتابعات الإعلامية التي تلتقط اراء مواطنين بينما هم يجوبون الأسواق قبل قليل على الإفطار, وغالبا ما تكون الإجابات حانقة ومتذمرة تشكو إرتفاع الأسعار وتعبر عن عدم الرضا , حتى لو كان الواقع مغايرا تماما , فالمواطنون , بعضهم , يرغبون في تقديم صورة سلبية حول الأسعار , عل وعسى أن يساعد ذلك في تخفيضها بما يتناسب ورغباتهم بالسعر الذي يناسبهم .
لا نزعم هنا أن الأسعار لم ترتفع , فإرتفاعها هو سلوك طبيعي , ينجم عن زيادة الطلب , بل على العكس لو أن زيادة الطلب لم ترفع الأسعار فهذا يعني أن خللا ما قد وقع , فإما أن التاجر يخسر أو يستغني عن الربح ولا يتجاوب مع الية السوق أو أن جهة ما تكفلت بتغطية الفرق لقاء تثبيت الأسعار .
بحكم العادة , باتت قائمة السلع التي تشهد إرتفاعا في أسعارها في رمضان من كل عام معروفة , فهي لا تتجاوز الخضار واللحوم الحمراء والبيضاء , بحكم أنها تلقى رواجا في مثل هذه المواسم .
لتجاوز إرتفاع مفرط في أسعارها , فكل ما ينبغي فعله هو توفيرها في السوق وتنويع مصادرها بتنافسية كفؤة , وهو ما قد حصل .
من الأفضل أن تتوقف وزارة الصناعة والتجارة والتموين عن إصدار نشرة تعداد المخالفات الى العلن وإعتبارها نشرة خاصة بها لغايات الدراسة , فزيادة المخالفات يوما بعد يوم لا يعكس نشاطا بل فشل الرقابة .
الراي