نريد ان نبرئ ذمتنا ونقول للمسؤولين في بلدنا بصراحة : لا تدفعوا شبابنا الى اليأس ، لا تفتحتوا «القمقم» الذي تعبنا من اجل ان يظل مقفلا ، فتخرج منه «عفاريت» لا نعرفها ، نرجوكم باسم الوطن العزيز علينا ان تفتحوا عيونكم على مشكلاتهم المستعصية ، وان تنزلوا من ابراجكم العاجية لكي تنظروا في عيونهم وترون الدموع التي تحجرت قهرا فيها .
نريد ان نصارح الذين اخذتهم شهوة الفرح بالمنصب والمكافأة ، والاخرين الذين اختزلوا البلد في ذواتهم ومصالحهم والقريبين منهم : هذا الوطن لنا جميعا ، نحن المعلمين والفلاحين والعمال والعسكر ، بنيناه وضحينا من اجله ، وانتم قطفتم الثمرة فلا تستأثروا بها ، اتركوا لنا احلامنا بالحرية والكرامة ، دعونا نحب بلدنا على طريقتنا ، دعونا نحميه دون ان تتهمونا بالخروج من «الملة» الوطنية ، املأوا جيوبكم مثلما تشاؤون ، لكن حذار ان تتعاملوا معنا بمنطق الاستعلاء والاستهبال فنحن ، الناس ، اذكى مما تتصورون ، واقدر على الدفاع عن انفسنا مما تتوقعون.
يا سادة ، الناس لا يخافون من سطوتكم ولكنهم يخافون على بلدهم منها ، الناس الذين تتصورون انكم افسدتم ضمائرهم يمكن ان يستفيقوا في اية لحظة ،صمتهم كان مجرد غفوة عابرة ، وهزات رؤوسهم لم تكن اكثر من «حوقلة» هربوا اليها من « قلة الحيلة « تجاه فتنة لا يريدون ان تصيب بلدهم باذى او مكروه.
يا اخواننا وشركاءنا في البلد الواحد ، لا نريد منكم اكثر من ان تتحملوا المسؤولية التي اقسمتم اغلظ الايمان على الحفاظ عليها ، وان تردوا التحية بمثلها ، لا بأفضل منها ، للذين مدوا اليكم ايديهم، وتحملوا ما تحملوا من اجل ان «تتمتعوا» بمواقعكم وامتيازاتكم ، وعضوا على وجع التعب والفقر ليظل رأس الوطن مرفوعا ، وقدموا ابناءهم شهداء كرمى لعيون الاردن الغالي.
ارجوكم ، تذكروا فقط قوافل الشهداء الذي عطروا بدمهم الزاكي تراب الكرامة ، وافتدوا الاقصى بارواحهم ، وقبضوا على جمر الصبر لكي يظلوا واقفين ولا يشمت بنا الشامتون او يتسلق اسوارنا الغزاة الطامعون .
تعتبون علينا ، او تغضبون لاننا ننتقدكم ، تقولون: أنتم تفتحون أعينكم على السلبيات وتغمضونها عن الانجازات، تسنوّن اقلامكم لتشويه الصورة وتعطيل المسيرة بدل أن توجهونها «لتحسين» الواقع وتصحيح المسار، أنتم تدغدغون عواطف الناس وتبحثون عن «الشعبية» وتبالغون في التشخيص والوصف، بدل أن تهدئوا الخواطر وتطمئنوا الصدور وتنشروا الأمل.
لا يمكن ان ندافع عن اخطائكم ، ومع ذلك نترك لكم مهمة الدفاع عن أنفسكم، ونفتح قلوبنا لاستقبال ذبذبات مقرراتكم، ونغمض اجفاننا احياناً على «تصريحات» تزعجنا، ولكن رجاءً اتركوا لنا أن نعبر عن «الضمير العام» وأن ندلكم عن الخلل، وأن ننقل لكم جزءاً من صوت الاغلبية الذي لم يصلكم بعد.
ساعدونا لكي ندافع عنكم ، فنحن لسنا هواة «انتقاد» ولا خصومة لنا معكم، نجتهد مثلكم في خدمة البلد، ونعترف اذا اخطأنا ونعتذر، نريد أن ينام اطفالنا بأمان، ويترعرعوا بكرامة، ونريد أن يستعيد بلدنا عافيته وأن نضمن له غداً أفضل.
لكم قناعاتكم ولنا تصوراتنا، نفهم اضطراراتكم فقدروا خياراتنا، نحب – مثلكم – البلد فلا تحرمونا من الاحساس به، وجسّ نبضه ومناقشة قضاياه.. هذا حقنا البسيط الذي انتزعناه، وهو واجبنا الذي لا يمكن أن نتنازل عنه.
ساعدونا لكي نحتكم «للعقل» بدل أن ياخذنا صوت «الجنون» الى المجهول، ان لم يكن من أجل القيم التي تجمعنا فمن أجل مصلحة «اجيال» قادمة لا نقبل أن نورثهم مزيداً من الأزمات، إن لم يكن من أجل «وطن» تقاسمنا فيه المحنة والنعمة فمن أجل أن تستريح ضمائرنا في لحظة الحساب العسير.
لا يسعدنا أبداً أن تنتصر أنانيتنا ويخسر الوطن، أو أن نكسب مواقعنا وامتيازاتنا ويفقد شاب واحد في بلدنا ما تبقى لديه من أمل.. أو ينام وهو مظلوم.. أو يحزم حقائبه للهجرة.. أو أن يتحسر على حلم جاء ثم تبخر.
الدستور