خمسة من المخابرات العامة استشهدوا في صبيحة أول يوم من رمضان ..أنا لا أسميه إرهابا , هو أعمق من ذلك هو توحش وانحدار وهو سلوك منحط ومنحرف ..وتمنيت في أول يوم من رمضان أن افيق متأخرا , وأحمل أولادي ونذهب للسوق كي نشتري ما ينقص المنزل من حاجات رمضان ... لكن دمعي يأسرني في زوايا الكلام , وسأترك لدمعي أن يكتب
حسنا أيها القتلة ... دعوني أقول لكم شيئا :- هناك رفاق في المخابرات لهؤلاء الشهداء , خدموا معهم وتشاركوا اللقمة والوظيفة ..والأحلام والامال ..وتعرفون أنهم لاينامون على ضيم ... وتعرفون أنهم سيطاردونكم في كل زاوية وشارع في كل منحدر وجبل .. وتعرفون جيدا حجم زنودهم حين تلتف على أعناقكم , تعرفون عيونهم البدوية , ووقع خطاهم ... وتعرفون احتراف الإصبع على الزناد حين يسددون الطلقة باسم الله ..وهي لاتخطئ أبدا ... سيطاردونكم , وسيجلبونكم للعدالة إن طال الزمن أو قصر .
خلف المخابرات .. ملايين الأكف التي سترتفع هذا المساء قبل الإفطار وستدعوا لهم بالنصر والفلاح , خلفهم .. ملايين الجباه التي ستركع لله في صلاة التراويح ويفيض الدمع من العيون نديا طاهرا ... وسيصل الدعاء إلى السماوات العلى ... خلفهم أم راشد الزيود , أم معاذ الكساسبة ... وأمهات الشهداء وحين يرسلن الدعاء للسماء يصل خالصا لله ويكون مستجابا ...خلف مخابراتنا , الملايين من الشباب الأردني الذين ستزيدهم الجريمة رغبة في الإلتحاق بهذا الجهاز ..لو تدرون الان كم هي حجم الطلبات التي سترسل من أجل ..الخدمة في صفوف هذه المؤسسة النبيلة ..
خلف المخابرات , سيقف وطن كامل ...بكل آية تتلى مطلع الفجر ...بكل حجر وصخرة شاهقة , بكل مقام لصحابي جليل أو لولي صالح ...بكل جرس كنيسة يقرع يوم الأحد ..وترتفع الصلاة ..من الرهبان ندية وفي كل جملة ..الف شمعة تشعل من أجلهم وحبا لهم ..
خلف المخابرات ..سيقف التاريخ ..ستقف المعاني النبيلة , ستقف ..القيم الحية والمسيرة السامية للإنسان الأردني ...أما أنتم أيها القتلة فمن سيقف خلفكم ..الظلام وكل غراب ينعق مبشرا بالشؤم ..من سيقف خلفكم المؤامرات الدنيئة ..؟ والخفافيش، من سيقف خلفكم ...العار , كل العار ..الخسة , الإنحطاط ..
أدرك أنكم اخترتم مكانا وزمانا , من أجل الفتنة إضافة للقتل والإعتداء على وطن كامل ...لكن عمان لاتهزم , عمان في كل مرحلة وكل منعطف تحتضن الشهداء في بطن التراب ..وتقف من جديد , عمان في كل مفصل وكل دم طاهر شريف يسفح على برها ..تسترد عافيتها من عيون رجالها وأولادها وتنهض مثل الجبل بل أقوى ...
هذا ليس ثأر المخابرات وحدها , هو ثأرنا جميعا ...ثأر الجيش والشعب والتراب وثأر كل أردني وكل أردنية , وكل ما أطلبه من الناس ..أن تشحذ الوعي من جديد فهؤلاء القتلة ..حربهم لا ترتبط بالسلاح فقط وإنما ترتبط أيضا بالوعي ..ورص الصفوف والإيمان المطلق ..بأن هذا الوطن أقوى ..وأصلب ومعركته ضد الجريمة والتوحش ..والغلو والتطرف معركة نهايتها انتصار أولاده ..وانتصار الحق على الباطل وطغمته ..حماك الله يا بلادي..
الراي