بكل الاسئلة التي تطرح حول جريمة البقعة الارهابية ، فان الجواب الوحيد و الذي لا يحتاج الى بحث
أو دليل ، فأننا ماضون في قتال الارهاب و لن نسمح لهم بان يمرووا ، فمن يعتقد غير ذلك ، فان عقله
مصاب بالجموح و الجنون .
جريمة البقعة بكل دلالاتها العامة السياسية و المعنوية ، فانها لا تحتمل الا التثببت وراء خيار مضي الاردن في محاربة الارهاب ، والجريمة جاءت لتفتح العقول أمام كلام ضروري -
-أن الارهاب متمد وعابر للاوطان ، وأن داعش و ملحقاتها في سوريا تعدى وجودها حدود بلاد الجوار ووصل الى داخل المدن .
-وأن قسوة الجريمة وبشاعتها تفرض أن تتخذ الدولة رد رادع وقاسي ، ومحاولة الارهاب بان يظهر نفسه في الاردن في صورة جديدة ومختلفة من حيث نوع العملية و شكلها و رمزية المؤسسة الامنية المستهدفة "مكتب المخابرات " . وهذا ما يؤكد صوابية أن الاردن " مستهدف" .
-هناك قوى سياسية بائسة تدكن في عقلها الباطن تخيل يستثمر من باب النكاية والابتزاز بكل ما يهدد أمن واستقرار : الدولة و المجتمع ، وتعتقد بانه يمكنها ان تمرر بفهلوة شرعية وجودها بقوة الابتزاز .
أن دماء شهداء الوطن تتطلب أكثر من التضامن الكلامي ، و هي حافز للقيام بمراجعة لاستراتجية محاربة الارهاب و التطرف دون مراعاة لغير مصلحة الاردن هي الاولى و الاخيرة و العليا ، و لا يتقدم على الوطن شيئا يذكر من حسابات التوازن في صراعات الاقليم الملتهبة .
ان ما اتخذ القرار بجريمة البقعة الارهابية ، و اختار ما اختار من زمان ومكان و اشخاص ، أنما قصد ليس أيصال رسالة عادية ، بل أنه أراد الابلاغ مسبقا عن خطورة ما هو قادم ، وهذا ما يجوب التشدد والصرامة في ردة الفعل ، عدم الوقوع في متاهة الانفعال غير المنضبط او الخطأ في الحساب و التقدير .
وعلى أي الاحوال ، الحرب على الارهاب مفتوحة ،وثمة ما يوجب عدم التهاون و السهو ، و الحؤول دون أي استرخاء أو مماطلة ما يستوجب ردعا فازعا يحمي الداخل الاردني ، ولابد من التمييز بين مستويات عميقة في صراعات الاقليم والتي تحمل من تحتها فارقا بين ما هواستراتجي و تكتيكي و " الاني"عاجل ".
جريمة البقعة لها وقع مختلف ومغاير ، ولربما يختلف عن تفجيرات فنادق عمان 2006 ، وقع قد يفيد
في التذكير لاهل الرأي و القرار أن العباد و الشعب هم حراس الوطن ، و ليس من الترف و لا من باب الاستهلاك السياسي الدعوة لالتفات مؤسسات الحكم الى الشعب .فمواجهة ماكينة الارهاب الاجرامي تحتاج الى معالجات ممكنة تشمل كل ما هو عام اقتصادي ومعيشي و سياسي " . بل أنه من الضروري الان طرحها بصراحة وعلنية أكثر من أي وقت مضى .
و ختاما ، هل من داع للحديث عن عقل الارهاب و أولئك المخبولين المصابين بلؤثات التكفير و التطرف الذين يتعلون منصات المؤسسات الدينية و المساجد ، والذين تتسرب افكارهم واوهاهم الى الشباب تسرق قلوبهم وعقولهم ويزرعون بديلا عنهما حجرا أسود اصم ، و يتورطون بالقيام بهكذا نوع من الجرائم .
و هل من بيننا أحد اليوم يمكن أن يسأل عن أولئك المجرمين المجانيين ؟ ويسأل عن فكرهم و عقيدتهم و عن دول و قوى كبرى في الاقليم و العالم توفر لشذوذهم الديني حاضنات لتولد منهم أرهابيين عابري للاوطان واكليها ، ينشرون العفن و الموت و الخراب و الدمار و الفوضى .
الامر لم يعد يحتاج الى شرح أو تفصيل ، و الامر لم يعد الى أقناع أو تبرير ، هولاء المجرمين يريديون حرق الاوطان ، ولابد من منع تكاثرهم ولا بد من لجم عفن وشرور افكارهم والحد من سمومهم الفكري ، وثمة أمر لابد من الاعتراف به بان المسألة لا تحتاج الى مزيد من الفضح لداعمي وممولي الارهاب ,
جريمة البقعة لم تأتي صدفة و لم تهبط من بوابة الاقدار ، ومن يقف خلفها تخطيطا وفكرا و تنفيذا ، هو نفسه الواصل و الفاصل بشريط اخبار الارهاب في دول الاقليم ، ولا غيرهم من يقفون وراء خراب سوريا و العراق ولبيبا و اليمن ، ومن ينتشرون في بلاد العرب و الاسلام يبثون سموم خرابهم وفساد وعفن افكارهم ، وباتوا هم عنوانا ووجها جليا لحرق الاوطان وتخريبها و تدميرها .