مؤتمر باريس الدولي للسلام .. مستدمرة إسرائيل تؤكد ذاتها
اسعد العزوني
06-06-2016 12:34 AM
معروف أن فرنسا هي من أوائل الدول الغربية التي قدمت الدعم لمستدمرة إسرائيل ، وآزرتها ووقفت معها، في المحافل الدولية، وزودتها بطائرات الميراج، كما أنها هي الدولة الأوروبية الوحيدة التي أهلت هذه المستدمرة لتصبح دولة نووية إرهابية مرعبة في المنطقة.
كان يفترض في علم المنطق أن تقدم هذه المستدمرة كل ألوان الشكر وأشكاله للجمهورية الفرنسية، لما قدمته من دعم كثير وكبير لها ، لكن عقلية هؤلاء المجبولين عليها ، أنهم لا يعترفون بفضل أحد عليهم ، حتى أنهم أنكروا أنبياءهم واتهموهم بما ليس فيهم ، واعتدوا على سيدنا عيسى المسيح عليه السلام وأمه الطاهرة البتول السيدة العذراء عليها السلام ، بصفات لا تخرج إلا من مثل هذه الفئة من الناس الذين نذروا أنفسهم لتخريب العالم مواصلة السعي لخرابه ، من خلال حكومتهم الخفية التي تقيم في إحدى الجزر النائية وتضم أعتى أغنيائهم .
لا شك أن فرنسا ورغم ما قدمته لإسرائيل ، كانت من المراجعين المبكرين على الساحة الدولية لمواقفها من مستدمرة إسرائيل ، وقد إتصلت مع الرئيس الفلسطيني المغدور بالسم مبكرا ، وأبدت الغربة الصادقة في المشاركة بإحلال السلام في المنطقة ، لكنها إصطدمت بالتعنت الإسرائيلي ، ودفعت ثمنا غاليا .
ومن جملة الثمن الذي دفعته فرنسا ، قيام الموساد الإسرائيلي بتنفيذ هجمات إرهابية في باريس تحت غطاء الخوارج الجدد/فرع الخدمات السرية الخارجية الإسرائيلية"ISIS" المسمى داعش ، وآخر طبعة كانت قبل فترة وجيزة ، تصدرت باريس فيها وسائل الإعلام العالمية ، ومن المضحك أن المخطط الإسرائيلي ولأجل إبعاد الشبهة عنه ، وضع هدفا يهوديا عبارة عن محل تجاري ، ليكون من ضمن أهداف الإرهابيين.
ولأنه ليس هناك جريمة كاملة فقد حاول رئيس وزراء مستدمرة إسرائيل المنبوذ عالميا بيبي نتنياهو فرض نفسه على مسيرة السلام التي دعا إليها السيد أولاند في حينه، كي يقول للعالم أنه من دعاة السلام وضد الإرهاب ، لكن زعماء العالم المشاركين وفي مقدمتهم المضيف السيد اولاند نبذه ولم يعره اهتماما وسار وحيدا منبوذا لم يقبل سوى احد الرؤساء الفارقة السير بجانبه ، وفي الصف الأخير، في حين ان رئيس السلطة الفلسطينية وجد له مكانا في الصف الأول وبجانب الرئيس اولاند.
فهم نتنياهو الرسالة، وحاول الانتقام وتوجيه الإهانة لفرنسا كاملة عندما خاطب يهود فرنسا وهم فرنسيون بطبيعة الحال ودعاهم إلى الهجرة إلى "إسرائيل "لأنه لا امان لهم في فرنسا ، وهذا دليل واضح على أن الموساد الإسرائيلي هو الذي خطط ونفذ العمليات الإرهابية الأخيرة في باريس ، علما أن نتنياهو أراد ضرب عصفورين بحجر واحد ، وهو توجيه ضربة للرئيس أولاند ومنعه من التدخل في عملية السلام ، وإهانة فرنسا كاملة بدعوة يهود فرنسا إلى هجرتها رغم أنها بلدهم الأم، ومعروف أن الموساد الإسرائيلي نفذ عمليا إرهابية اخرى في مطار بلجيكا ردا على دعوة بروكسيل لعقد مؤتمر لمناقشة حقوق الإنسان في فلسطين .
لم يرتبك السيد أولان مما جرى بل أصر على موقفه إحتراما لنفسه ولبلده، ونفذ دعوته لعقد مؤتمر دولي للسلام في باريس ، علما أن وزير خارجية امريكا السيد جون كيري إعتذر عن الحضور ، وكان ذلك تعبيرا عن تبعية القرار الأمريكي لتوجهات مستدمرة إسرائيل في هذا المجال على وجه الخصوص ، وإنعقد المؤتمر اليوم الجمعة ، بحضور ممثلي ثلاثين دولة وكافة ممثلي منظمات الأممر المتحدة والإتحاد الأوروبي وغياب الطرفين المعنيين بالسلام مع الفلسطينيين والإسرائيليين ، ولا أفهم مسوغ تغييب الفلسطينيين لأنفسهم عن مثل هذا المحفل الدولي المهم.
أبدع السيد أولاند عندما قال مفتتحا المؤتمر أن المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين لا تصنع سلاما ، وما لم يقله السيد أولاند أن الإسرائيليين كانوا يفاوضون أنفسهم ويفرضون على الفلسطينيين ما يشاؤون دون إعتراض ، لأن الفلسطينيين وجدوا أنفسهم وحيدين في مواجهة الغول ، فقد تخلى عنهم القريب قبل البعيد ، حتى ان غالبية العرب أعلنوا إنحيازهم لإسرائيل ، وتخلوا عن الفلسطينيين.
أما عن عدم مشاركة مستدمرة إسرائيل في هذا المؤتمر ، فهي مبررة وتوافق العقيدة الصهيوينة ، فهي بدهيا لا تؤمن بالسلام اصلا ، وهي ترفض تدخل أوروبا في العملية السلامة خارج دور دافع الشيكات لتمويل ما يطلق عليه عملية السلام ، من أجل تمويل مشاريع إستراتيجية فلسطينية ، تقوم طائرات مستدمرة إسرائيل بتدميرها فور الإنتهاء منها في رسالة واضحة لأوروبا تحديدا .
لم يأت الرفض الإسرائيلي لهذا المؤتمر من مصدر رفض ذكر إسمه بل كان صادرا عن رئيس وزراء مستدمرة إسرائيل بيبي نتنياهو الذي تحالف مؤخرا مع حارس البارات الوكراني ليبرمان وعينه وزيرا للحرب ، وسبقه في ذلك مدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية دوري غولد الذي توقع الفشل مسبقا لهذا المؤتمر، وتمادى في الغمز واللمز من قناة فرنسا عندما قال ان هذا المؤتمر سيفشل مثلما فشلت معاهدة سايكس-بيكو التي قسمت المنطقة بعد إنهيار الإمبراطورية العثمانية.
وغرد المسؤول الإسرائيلي داخل السرب بقوله أن إسرائيل تريد ترتيبا إقليميا وأن الدول العربية سوف تدعم المفاوضات المباشرة ، وبالتالي فإن اسرائيل تفضل عملية سلام شرق أوسطية وليس عملية يحاول شخص ما خلقها في باريس ، ويعني بذلك السيد اولاند .
وإن دلت هذه الكلمات البذيئة على شيء ، فإنما تدل على قلة أدب المسؤولين في مستدمرة إسرائيل ونكرانهم للجميل ،وامعانهم في إهانة من لا يتساوق معهم في تعنتهم ، وكان يقصد بذلك التقليل من دور فرنسا وإهانة رئيسها السيد أولاند.