حين تتحول الداخلية إلى موقع للثأر والنكاية
حازم مبيضين
04-06-2016 01:50 AM
مثلما لم تكن مفهومة إطاحة الوزير سلامة حماد في حكومة النسور، دون إبداء الأسباب التي نتبين الآن أنها كانت مجرد خلافات في الأسباب بينه وبين رئيس النسور، فإن إعادة استيزاره في حكومة الملقي تشكل مفاجأة قد تكون سارة للبعض لكنها بالتأكيد منغصة لكادر الوزارة الذي صعقته مفاجأة إلغاء القرارات الإدارية التي اتخذها خلفه وسلفه الوزير القاضي وأنصف بها عدداً من الموظفين، وحتى أنه لم يبد أي اعتبار للرجل الذي كان زاره حين حل مكانه ليشكره على جهوده إبان توليه الحقيبة الوزارية، وهي زيارة تدل على نبل الرجل وإذا كنا نقر للوزير حماد نجاحه في فرض هيبة القانون واستئصال بعض البؤر الخارجة على القانون، فإن علينا انتظار تداعيات قراره "الكيدي" وتأثير ذلك على عمل هذه الوزارة السيادية والمهمة جدا في هذه المرحلة بالذات خصوصاً وهو يتوعد كل من ابتسم حين إقالته قبل أربعين يوماً بالويل والثبور وعظائم الأمور.
يبدو أن الوزير حماد مقتنع بمثل إفريقي يقول إن جيشاً من الخراف بقيادة أسد، سيكون قادراً على هزيمة أي جيش حتى لو كان من أسود بقيادة خروف، ولكن ليست كل الأمثال صحيحة وتستحق الاقتداء بما ورد فيها، والموظفون في الداخلية ليسوا خرافاً يقودهم الأسد، وليسوا عبيدا أو رعايا للرجل المُطالب بالترفع عن عقلية الثأر والانتقام، وعلى الموظفين المشمولين بثارات صاحب العقلية الثأرية الاعتراض، والاستنكاف عن تنفيذ قراراته الجائرة، وعدم السماح له بتحويل وزارة الداخلية إلى وزارة للثأر والنكاية.
الداخلية من أكثر الوزارات أهمية، والمهام المنوطة بموظفيها كبيرة ومتنوعة، وتمس حياة كل مواطن بشكل مباشر وفوري وفعال، ويستدعي ذلك أن لايعيش الموظف "السيادي" فيها أسيراً للخوف والرهبة، من وزير يبدو أنه لم يستوعب طبيعة المتغيرات السياسية التي طرأت على المجتمع، وظلّ أسير حقبة الأحكام العرفية، وهو وإن لم يتعامل بهذه العقلية مع جمهور المواطنين، لتعذر ذلك، فإنه يعيشها تماماً مع موظفي وزارته، متوهماً امتلاكه الحق بقطع لقمة عيشهم، إن لم يتحول كل واحد منهم إلى خروف بين يدي الوزير، ويعوض ذلك بتحوله إلى وحش مفترس حين تعامله مع المواطن الغلبان.
كنا نتمنى أن تشكل عودة حماد إلى الداخلية، دافعاً ليتفهم جور القرارات التي فرضها على موظفيه خلال سنة تجرعوا فيها كأس الظلم، لكنهم ظلوا قابضين على جمرة الولاء للوطن، وهم يراقبون نجاح وزارتهم ووزيرهم في فرض هيبة القانون، واستئصال بؤر الفساد وتحدي الدولة، التي كانت استفحلت بمرور زمن من التهاون في تطبيق القانون بحزم وعدل، وأن يستفيد من تجربة إطاحته بجرة قلم وفي غفلة منه في ليلة غاب قمرها.