حكومة الملقي و"الفوكال بوينت"
د. ابراهيم العموش
03-06-2016 01:02 AM
محاور كتاب التكليف السامي للحكومة الجديدة واضحة ولا لبس فيها: الانتخابات النيابية والاوضاع الاقليمية والتحديات الاقتصادية.
أما الانتخابات النيابية، فتتولى ادارتها والاشراف عليها هيئة دستورية مستقلة، وسيقتصر دور الحكومة على الدعم اللوجستي للهيئة من خلال توفير الكوادر البشرية وتأمين أماكن الافتراع والتسهيلات الأخرى وخلاف ذلك.
أما الاوضاع الاقليمية، ومواجهة الارهاب وقوى الظلام والحفاظ على أمن الوطن والمواطن فأمور تتولاها القوات المسلحة الباسلة والاجهزة الأمنية التي أثبتت قدرتها وحرفيتها في التعامل مع أي تهديد تواجهه المملكة.
أما النقطة المحورية والمهمة الرئيسة الواردة في كتاب التكليف السامي فهي التحديات الاقتصادية. إذ لم يتم التعرض لهذه التحديات بعبارات عامة مطلقة وإنما خاض كتاب التكليف بأدق تفاصيل هذه التحديات وجاءت توجيهات جلالة الملك بلغة صريحة لا تحتمل الـتأويل.
فجاء في كتاب التكليف السامي:
"إن الضعف في أداء بعض أجهزة الحكومة يترتب عليه آثار سلبية على المواطن والمستثمر يدفع ثمنها الوطن، لذا لا بد من اتخاذ اجراءات فاعلة ومباشرة لتحسين مستوى الأداء في هذا الجهاز ...."
"وكذلك يجب العمل بشكل حثيث لرفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن في مختلف المجالات ...... وهذا يتطلب وجود فريق وزاري قادر على تحمل مسؤولياته بالكامل، والعمل بشجاعة واقتدار في إيجاد الحلول دون تباطؤ أو اختلاق أعذار، أو تردد في اتخاذ القرار....."
"إن المملكة تواجه صعوبات اقتصادية جمّة في ظل أوضاع إقليمية ملتهبة ألقت بظلالها على مستويات النمو. لذا لا بد من اتخاذ اجراءات استثنائية خلّاقة تساعد على مواجهة هذه التحديات وتخطي الصعوبات، لتحقيق معدلات نمو أعلى، وتعزيز تنافسية اقتصادنا الوطني، وإيجاد فرص العمل للمواطنين لتوفير العيش الأفضل لشعبنا الوفيّ"
"...... لا بد من متابعة تنفيذ السياسات والإجراءات اللازمة وتوفير البيئة المطلوبة لتحقيق أفضل مستويات الشراكة والتعاون، وتضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص ....."
"لذلك، فلا بد من إعداد حزمة متكاملة من الإجراءات الكفيلة بمواجهة هذه التحديات الاقتصادية، وخلال الأسابيع القادمة، ليبدأ تنفيذها في اسرع وقت حيث ستكون معياراً أساسياً في تقييم أداء الحكومة. ولا بد أيضاً من متابعة تحقيق الإصلاحات الاقتصادية الضرورية، وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط الموضوعة وعلى راسها استراتيجية التشغيل. كما ويجب العمل على إزالة الاختلالات ومراجعة التشريعات وتحسين بيئة الاستثمار لتحفيز النمو، بالإضافة الى أهمية الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي"
من هنا نجد أن التحديات الاقتصادية التي تواجهها المملكة هي المحور الرئيس في كتاب التكليف السامي، وما يريده جلالة الملك هو مواجهة هذه التحديات بالافعال لا بالأقوال. ومواجهة هذه التحديات تتطلب معالجة سريعة لمواطن الخلل:
1- معالجة الضعف في أداء الاجهزة الحكومية الطاردة للاستثمار: فما هي خطة الحكومة لتنفيذ هذا التوجيه وكم من الوقت ستحتاج؟ نحن بالانتظار.
2- رفع مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، ولا يتم هذا إلا باجتراح الحلول بشجاعة ودون تردد ووجل وتباطؤ ودون إختلاق الاعذار: فهل ستنفذ الحكومة هذا التوجيه؟ نحن بالانتظار.
3- أدت الصعوبات الاقتصادية الى تباطؤ مستويات النمو: ولمواجهة هذا التحدي لا بد من اتخاذ اجراءات استثنائية خلّاقة: فما هي الاجراءات التي ستتخذها الحكومة لتنفيذ التوجيهات الملكية في هذا السياق؟ نحن بالانتظار.
4- ضرورة توفير البيئة المطلوبة لتحقيق أفضل مستويات الشراكة والتعاون، وتضافر الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص: فما هي خطط الحكومة في هذا المجال؟ نحن بالانتظار.
5- لا بد من إعداد حزمة متكاملة من الإجراءات الكفيلة بمواجهة التحديات الاقتصادية، "وخلال الأسابيع القادمة، ليبدأ تنفيذها في اسرع وقت حيث ستكون معياراً أساسياً في تقييم أداء الحكومة":
كتاب التكليف السامي يأمر بإعداد هذه الحزمة خلال الاسابيع القادمة، وعليه لا مجال لتأخير إعداد هذه الحزمة ولا مجال لتأخير البدء بتنفيذها وسيكون التنفيذ هو أساس معيار تقييم الحكومة. لا وقت أمام الحكومة للاسترخاء ولا تتمتع بترف الوقت.
6- تنفيذ استراتيجية التشغيل والعمل على إزالة الاختلالات ومراجعة التشريعات وتحسين بيئة الاستثمار لتحفيز النمو، بالإضافة الى أهمية الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي: ماهي الخطط التي ستتبناها الحكومة لتنفيذ هذه التوجيهات؟ وكم من الوقت يحتاج تنفيذها. نحن بالانتظار.
التحديات الاقتصادية هي الـ "فوكال بوينت" في كتاب التكليف السامي، وما اراده جلالة الملك في كتاب التكليف السامي هو ما يريده المواطن. بقي أن على الحكومة أن تنفذ هذه التوجيهات وأن يظهر أثر التنفيذ على الارض فعلاً لا قولاً.
ما من شك أن دولة الرئيس الجديد لدية الكثير من الطروحات المبتكرة المستمدة من خبرته العميقة والطويلة، غير أنه لنكون منصفين علينا أن لا نرفع سقف التوقعات عاليا ولا نفرط في التفاؤل ولكن أيضا لا نفرط في التشاؤم.
عسى الله أن يمن على الحكومة الجديدة بالتوفيق والنجاح في تنفيذ ما كلفت به وأن تكون عند حسن ظن جلالة القائد وتوقعات المواطنين..