رؤساء الحكومات الأردنية ليسوا نسخة واحدة متماثلة ، فلكل منهم مزاياه ونقاط قوته ، أما التشابه فهو في طبيعة المشاكل والتحديات التي تواجههم والتي ما زالت تتكرر منذ عشرات السنين.
مراجعة خطابات التكليف لرؤساء الحكومات المتعاقبة تدل على أن المشاكل والتحديات معروفة ومحددة ، وأن المطلوب من الحكومة الجديدة التصدي لها بطريقة أو بأخرى. الأهداف إذن واضحة ومحددة لكن وسائل تحقيقها ليست كذلك.
فيما عدا برنامج الإصلاح الاقتصادي الجاهز للتوقيع ، لم يترك الرئيس المستقيل ملفات اقتصادية مفتوحة بانتظار القرار ، بل على العكس أسرف مؤخراً في منح الحـوافز والإعفاءات الشاملة ، وبعضها لا يؤدي إلى زيادة الإنتاج ، وربما كان على الرئيس الجديد أن يعيد النظر فيها قبل البدء بتطبيقها ، لأن الموازنة بحاجة للمال ، ولأن من يحقق أرباحاً يجب أن يدفع الضريبة ، ومن يخسر لا يستفيد من الإعفاء. ويبقى الإعفاء من الضرائب أسهل وأسوأ أسلوب لتحريك الاقتصاد وتحقيق نتائج.
على العكس من ذلك فإن إعفاء إقليم معين أو نشاط معين قد يوحي للمستثمر المحتمل بأن هذا النشاط ليس مجدياً ، وإلا ما كانت الحكومة تغريه بالتورط فيه بحجة إعفاء أرباح قد لا تتحقق.
الذين ينتظرون من الرئيس الجديد أن يصنع العجائب سوف يصابون بالخيبة والإحباط ، فما يعرفه الرئيس القادم لم يكن مجهولاً للرئيس السابق ، وليس هناك أسرار في وسائل علاج الأزمات والاوضاع الاقتصادية.
صحيح أن الرئيس الجديد اقتصادي في المقام الأول ، ولكن الرئيس السابق اقتصادي أيضاً ، وكان في فريقه وزراء أكفاء يديرون قطاعات المياه ، والطاقـة ، والتخطيط ، والإعلام ، وقد فعلوا كل ما تسمح به الظروف الموضوعية ، فهل بالإمكان أبدع مما كان.
الضغط على الرئيس الجديد كي ينطلق بسرعة جائز على أن لا نتوقع المعجزات.
ماذا يستطيع الرئيس الجديد أن يفعل إزاء حقيقة أن الحكومة الأردنية تأخذ تاريخياً على عاتقها مسؤوليات (نفقات جارية) تفوق طاقة الاقتصاد الأردني ، وإذا كان حل هذه المعادلة في السابق يتم عن طريق الاقتراض وهو وصفة مضمونة للأزمة ، فما هي الأبواب الجديدة التي سيقرعها الرئيس الجديد وكانت مهملة ، خاصة بعد أن اتضح أن مؤتمر المانحين بلندن كان خدعة هدفها التغرير بالأردن ليأخذ على عاتقه أعباء النزوح السوري نياية عنهم.
الراي