الملقي لن يلق الجبل على الجبل والنسور لم يحلّق عاليا
اسعد العزوني
01-06-2016 08:01 PM
وأخيرا إستجاب الله لدعاء الأردنيين بأن خلّصهم من إستفزازات د.عبد الله النسور الذي كسر حاجز مدة الوزارات في الأردن ، وإستمر يستفز الأردنيين طيلة نحو أربع سنوات ، وكان جابيا بإمتياز، ولكن..
السؤال الذي يطرحه المنطق المحايد هو : هل الدكتور هاني الملقي إبن رئيس الوزراء الأسبق فوزي الملقي- الذي جاء في ظروف خاصة تتعلق بالحكم في سوريا آنذاك – قادر على إحداث نقلة نوعية في حياة الشعب الأردني ، وتكون لديه مهارة غير مسبوقة في تنفيذ ما ورد في كتاب التكليف السامي؟
كل الظواهر المرئية وغير المرئية تؤكد أنه لن يحدث أي تقدم في حياة الشعب الأردني ، وأن كونه أحد مهندسي معاهدة "وادي عربة "مع مستدمرة إسرائيل ، لن يشفع له ،وعليه سيبقى الشعب الأردني يعاني من عدم قدرة الحكومات الأردنية المتعاقبة على تنفيذ ما يرد في كتاب التكليف السامي ، لأن الحكومات الأردنية المتعاقبة بغض النظر عمن يترأسها ، تسجل عجزا كبيرا في تجسير الهوة بين أدائها وبين طموح سيد البلاد.
الملفات التي تنتظر الملقي ستشكل له صدمة كبرى وهو بحكم خبرته واطلاعه يعرفها جيدا ، فهو إبن الدولة وعلى صلة بصناعة القرار ، فالمديونية التي ارتفعت كثيرا في عهد الجابي النسور ، والبطالة المتفاقمة بسبب غزو العمالة السورية للسوق الأردنية ، ومساحة الفقر والجوع التي تتسع يوما بعد يوم ، وكذلك الضغط الذي يخيم على المسلك الأردني نتيجة كل ما تقدم ، وأدى إلى حالات ومحاولات انتحار جماعي ، ومتطلبات تشمل أقساط التعليم والتطبيب ،لأننا أصبحنا بلدا يعج بالمؤسسات التعليمية والصحية من القطاع الخاص ، والذي لا نرى مثل هذه الحالة حتى في دول النفط العربية.
هناك قضية معقدة سيصطدم بها الملقي وهي أن مستدمرة إسرائيل لا ترى في الأردن الرسمي شريكا في عملية السلام ، رغم توقيع معاهدة وادي عربة وتمسك الأردن الرسمي بها ، فهذه المستدمرة وعلى كافة المستويات العسكرية والسياسية والبرلمانية ، تواصل تحديها السافر للأردن الرسمي وتضرب بالحدة القصوى في المناطق الحساسة التي تؤذي كثيرا ، وهي المقدسات العربية والإسلامية في القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك ، علما أن هناك بندا في معاهدة وادي عربة ينص على أن الأردن الرسمي له الولاية على المقدسات العربية في القدس !
لقد حمى الله الأردن إبان حكم النسور الذي إتسم بالجباية والإستفزاز ، حتى أنه أحرج سيد البلاد كثيرا بسبب تصرفاته التي لم تكن محسوبة ، فرغم كل الإنتهاكات التي رأيناها في فترة حكم النسور ، لم نر أي تقدم أحدثته سياسة الجابي النسور الذي إنقلب من معارض متشدد ومزعج في اجتماعات جمعية الشؤون الدولية التي ينتمي إليها ، حتى أنه رفض الإستجابة لتوسلات زملائه في الجمعية أن يزورهم ليبرر لهم تصرفاته ، وهذا في علم المنطق له أكثر من تفسير.
تعنت النسور كثيرا وأثبت بالوجه القطعي أنه لا يعمل من أجل مصلحة الأردن والشعب الأردني ، بل أظهر وبكل الوضوح أنه جاء لينفذ أجندة صندوق النقد الدولي ، وهذا ما جعل السفير الأمريكي السابق في الأردن السيد ستيوارت جونز في لحظة كاد فيها النسور أن يطير من منصبه ، يصرح :إنه رجل شجاع!
كان النسور يتفنن في تعنته لإهانة الشعب الأردني ، ودائما أقول لو أن هناك حماقة ما لدى الشعب الأردني لاحترقت البلد في الأسبوع الأول من توليه منصبه ، ولكن الله سلم وحمى الأردن من تداعيات تعنت النسور ، الذي لم يثبت أنه رجل دولة مع إعترافنا له بالذكاء والخبرة ، لكن أمورا أخرى سيطرت عليه ، ووضع الشعب الأردني في مآزق كثيرة.
في إحدى رسائله إلى رئيس وزراء سابق قرر رفع أسعار المحروقات قال النسور له فيها أن عليه مغادرة الدوار الرابع ! لكنه وما أن دخل دارة الدوار الرابع حتى كشر عن أنيابه وبرزت مخالبه ورفه أسعار المحروقات اكثر من مكرة ، ووضع لقمة الشعب الأردني وإستقرارالأردن على المحك ، حتى أنه تعنت في موضوع التوقيت الشتوي وتمسك برأيه رغم توسلات الشعب لجلالة الملك .
تركة الملقي كبيرة وهو لن يلقي الجبل على الجبل ، مثلما ان النسور لم يحلق عاليا ، لكن بإمكان الملقي أن يستفيد من خطايا سلفه ، ويحاول التخفيف من تداعيات الوضع على الشعب الأردني الذي يعاني ولكنه صابر.