هل نكافح الفساد فعليا أم اعلاميا ؟
نزيه القسوس
31-05-2016 03:42 PM
عندما أنشأنا دائرة مكافحة الفساد قبل عدة سنوات تفاءل المواطنون خيرا واعتقدوا بأن هذه الدائرة ستقضي على الفساد نهائيا وستقدم الفاسدين للقضاء ليقول كلمته فيهم والأهم من ذلك أن الإعلام الحكومي طبل وزمر وأوحى للمواطنين بأن الفساد سينتهي في بلدنا وأن الأردن سيصبح واحة نظيفة لا فساد فيها وأن كل من تسول له نفسه أن يمد يده على المال العام سيكون مصيره السجن والتشهير ....الخ من الإجراءات العقابية القاسية والرادعة .
ها قد مرت عدة سنوات على انشاء دائرة مكافحة الفساد وتعلن هذه الدائرة بين فترة وأخرى بأنها قد حولت للقضاء مئات الملفات التي تتعلق بمواطنين تجاوزوا على المال العام ومنذ انشائها حتى اليوم حولت مئات الملفات إلى القضاء لكننا حتى ساعة كتابة هذا المقال لم نسمع عن فاسد واحد حوكم أو صدرت بحقه أحكام قضائية فأين ذهبت هذه الملفات وماذا تنتظر ولماذا لم يحاكم أصحابها حتى الآن ؟ .
أما حكاية استرداد الأموال كما تعلن هذه الدائرة حين أعلنت قبل فترة بأنها استردت عشرات الملايين من الدنانير من المال العام التي حصل عليها البعض بدون وجه حق فمن أين استردت هذه الأموال الكبيرة ومن الذي أخذها ا ولماذا لم يحاكم هؤلاء أمام القضاء أم أنها تسويات حدثت معهم خوفا على سمعتهم وهل تخاف الحكومة الرشيدة على سمعة أناس لم يراعوا الله في عملهم وفي وطنهم فمدوا أيديهم على المال العام ووضعوه في جيوبهم وبعد ذلك تخاف دائرة مكافحة الفساد على سمعتهم .
ثم هنالك سؤال مهم نضعه أما هيئة مكافحة الفساد وأمام الحكومة وهو : ما مصير مئات الملايين التي سمعنا عنها وقد استولى عليها بعض مسؤولي مؤسسات حكومية أو شبه حكومية والتي لا تساوي الملايين التي استردتها نقطة في بحر من هذه الأموال .
هناك قضايا فساد كبيرة حدثت في بلدنا لكن هيئة مكافحة الفساد نسيتها تماما ولا أحد يتحدث عنها ومن هذه القضايا على سبيل المثال شركة ملح الصافي التي تأسست عام 1996برأسمال قدره ستة ملايين دينار وفي عام 1999 أي بعد ثلاث سنوات كانت خسائرها إثني عشر مليون دينار وبعد ذلك ارتفعت هذه الخسائر إلى خمسة وعشرين مليون دينار علما بأن هذه الشركة لا تتعامل بتجارة خاسرة بل تستخرج الملح وتبيعه فكيف تحققت هذه الخسائر الكبيرة ؟.
أما القضية الثانية فهي أراضي مؤسسة الإسكان المقابلة لمدينة الجبيهة الترويحية والتي بيعت لبعض أعضاء مجلس ادارة نفس المؤسسة ولبعض موظفيها الواصلين وبعض المتنفذين بسعر أربعة وعشرين دينارا للمتر المربع الواحد في الوقت الذي كان سعر المتر في ذلك الوقت يساوي حوالي المائة دينارا علما بأن أعضاء مجلس الإدارة وموظفي المؤسسة الذين حصلوا على قطع أراضي كانوا قد استفادوا من مشاريع سابقة للمؤسسة ولا يحق لهم الإستفادة مرة أخرى كما ينص على ذلك قانون المؤسسة .
مكافحة الفساد لا تتم عن طريق الإعلام وعن طريق الإعلان عن انجازات على الورق فالمواطن يريد أن يرى على الواقع ويسمع عن رؤوس الفساد وقد أطيح بها ووضعت في السجون واستردت الأموال التي حصلوا عليها .