كثيرون ينتظرون الأمل بما هو جديد أن يحمل لهم خبراً ساراً وما هو الخبر السار لوالد طالب فقير، لمواطن لا يملك عقارا.. للمزارع المغلوب على أمره، للتاجر الذي اثقلت ظهره كثرة الضرائب، للمفكر المهزوم، لبائع العلكة والبسطة الباحث عن مصدر عيش منطقي، لمواطن عاجز عن توفير الدواء، لفنان نفدت الوانه وتكدست أعماله، لكاتب متفرغ باتت اوراق الصحف أثمن من أفكاره، لخريج ضاعت فرصته ليأخذها الوافد.
كلهم يعشقون هذا الوطن وينتظرون التحسين بكثير من الأمل ينتظرون أن تتقلص ملفات الفساد لتصبح صفر ينتظرون رحيل المتنافسين على الأرض وأصحاب الأقنعة بثوب الحق ينتظرون بحب جاء من حبات التراب في سهول الشمال حتى رمال صحراء الجنوب ينتظرون هزيمة الدخلاء والقائمين على الخراب ينتظرون بصمت وقور زرعه عشق قديم للجد والجدة منذ عقود وقرون عندما اجتمعوا ذات يوم مع الأحفاد على مائدة يتوجها زيت الزيتون وخبز الطابون... هؤلاء هم عشاق الوطن.
لقد انتظر كثيرا حتى تكدست ديونه فباع أرضه باكيا ومرغما وهجر الزراعة فأصبح مشتتا فهو لا يجيد غير الزراعة لكن الحياة أذلته وبعد حين رفقاؤه قلدوه، ولا يزال ينتظر الأمل بهدوء...هذا هو عاشق الوطن وما من كوكب آخر يعادل حبة من تراب وطنه حتى لوهاجر باحثا عن مال وعمل فقد أعاده الحنين بعد حين... ذلك هو عاشق الوطن.
عندما تتشابه الأعوام ونحن لا زلنا ننتظر، عندما تزرع الأيدي بذور غير مثمرة، عندما تتردد ذات الحوارات في المجالس دون جدوى، عندما نغني ونزهو بلا اوركسترا، عندما يلقي الفنان بإحساسة في سلة المهملات ليحصل على وظيفة عيش مجدية، عندما تتضاعف النفقات المعيشية لتقصم الأظهر، عندما نأكل الزيت بلا زعتر وتصبح اللحوم حلم جميل، عندما تتجلى نظرة الحسد حسرة في عيون أطفال الفقراء لكل طفل مدلل من أبناء المافيات المجهولة، عندما ننتظر بصمت فنحن عشاق الوطن... ألا نستحق بعض الأمل!