في زحمة الأعياد الوطنية وتدفق مشاعر الانتماء والحب ومراجعات الفلاسفة والنقاد والمصلحين ومن بين رفرفة الرايات التي تزين الساحات العامة وتطل من نوافذ البيوت والمركبات وفي فضاء يعج بعشرات الأغاني متشابهة الألحان تتسلل إلى شفاهي أغنية جوزيف عازر" بكتب اسمك يا بلادي .....عالشمس الي ما بتغيب ....لا مالي ولا اولادي...على حبك ما فيه حبيب" التي انطلقت في سبعينيات القرن الماضي وأخذت شهرة في العالم العربي من أدناه الى أقصاه.
الأغنية التي كتب كلماتها ولحنها الشاعر اللبناني إيلي شويري وهو في رحلة جوية بين لبنان والولايات المتحدة حيث بدت له صورة لبنان مرسومة على الشمس التي لا تغيب ..وأنْ لا شيء في الكون يعادل حبه لبلاده أخذت شهرة عربية لتصبح أغنية لكل العرب.
رغم أن الأغنية أخذت مجدها وشهرتها وانتشارها عبر ما يزيد على أربعة عقود إلا أنها أصبحت اليوم أكثر الأغاني الوطنية تعبيرا عن واقع الشعوب العربية التي فقدت أوطانها للعصابات أو الطوائف أو الطغاة ولملايين المشردين الذين يجوبون مخيمات اللجوء ويناورون ليعبروا حدود البلدان التي أصبحت ترتاب من احتمالية انتقال اللعنة التي حلت عليهم أو أن تطول إقامتهم فيغيرون ما اعتادت عليه الأمم عبر مسيرتها.
أبناء الأردن الذين يجوبون الكون رسل عطاء ومحبة وسلام وإعمار يشعرون في كل لحظة كما أبناء الاردن في الأرياف والبوادي والمخيمات،بأن الوطن ساكن في أرواحهم وقلوبهم وأفعالهم ويرددون بلا وعي ولا حسابات كلمات إيلي شويري الخالدة في طقوس مناجاتهم لذواتهم.
في الخامس والعشرين من أيار وبمناسبة عيد الاستقلال ومئوية الثورة العربية الكبرى يشعر الأردنيون أينما كانوا بحمى الحب والحنين التي تشتعل في صدورهم فيستعيدون بخشوع النساك ووله العشاق أشعار حيدر محمود وسليمان المشيني وحبيب الزيودي ويتعلقون بصدق ووفاء بكل ما يرمز لوطنهم وهويتهم ووجودهم، متناسين كل المواقف والهنات التي أزعجتهم في غابر الأيام فيغفرون ويتناسون، يساعدهم على ذلك مئات الأقوال والحكم والمأثورات الشعبية التي تزخربها مناهجنا قبل أن تجتاحها موجات التطوير التربوي المتعاقبة، فبعضهم يستذكر قول الشاعر "بلادي وإنْ جارت عليّ عزيزة.."، وآخرون يرددون "كم منزل في الأرض يعشقه الفتى...وحنينه دوما لأول منزل".
في أجواء الفرح والاحتفال التي صنعها الأردنيون في بلدهم ومواطن إقامتهم حرص "ملتقى النشامى" في الإمارات العربية المتحدة على إقامة حفل مهيب بحضور رئيس مجلس النواب الأردني وعدد من النواب والإعلاميين وبرعاية الشيخ حميد النعيمي حاكم إمارة عجمان. في الاحتفالية التي سادها شعور البهجة والاعتزازعرض أبناء الأردن في الإمارات أنموذجا مثاليا للتنظيم والتكافل والاتحاد من أجل الهوية ورفعة الوطن.
في فضاء الاحتفال الذي انضمت له مئات الأسر الأردنية في قاعة الإمارات الكبرى في عجمان كانت كلمات إيلي شويري تتسلل إلى المكان دون أن يشدو بها سعد أابوتايه أو رامي خالد، فقد كانت واضحة في أفعالهم وأقوالهم وبرامجهم وإنجازاتهم.
الشباب الأردني في الإمارات العربية وزملاؤهم القادمون من مختلف جنبات الدنيا كانوا يرددون "بكتب اسمك يا بلادي ع الشمس الي ما بتغيب.. لا مالي ولا اولادي على حبك ما فيه حبيب"
تحية لشباب الاردن الحي في الامارات العربية وتحية لكل الاردنيين الذين لا تنسيهم غربة المكان ولا ضيق ذات اليد في البوادي والقرى والمخيمات ان لهم وطنا كتب اسمه على على مساحة الشمس التي لا تغيب.
"الغد"