حين لا تكون رجلا وحسب في عالمي أعرف أن ما بين ضلوعي ليس لي،
كيف يمنح الإنسان يا أبي ما لا يملك؟ دعني أناديك أمي فأبي يعشق أمي
ما أجمل الرجل حين يكون أمّا!
كل صباح أغسل قلبي لك حتى العصارة، أراقب سير الأوردة، أحصي عدد الكريات البيضاء، لا صفراء لا حمراء منذ كشفت العصابة عن عيني، أي غباء دفعني لرفعها فوق جبيني وأنا التي أوصاني الطبيب ألّا أعصر جبيني!
أفتح نوافذه، أتأكد من تهويته وأسامح، لأبقيه لك نقيّا نظيفا، فالأمانة ثقيلة يا أمي!
هناك على يساره تماما شامة جديدة أراها لأول مرة، تنظر لي بشزر وتدفعه للثورة، وبين حجراته صدى يوشوشها.
في كهفه الوعر أمّ تطعم صغارها كبدها المفتّت، فينامون نومة كهفيّة..
فهلّا كنت أمي ليوم واحد ؟ هلّا مسدت على ضفيرتي قبل أن أقصّها؟ هلّا حملت معي آخر العطايا يا أمي؟
في ركن قصيّ من نفسي تجلس أنت وقد اشتريت لي مشطا ذا الكف الأبيض، أتذكره؟ نعم هو ذاته الذي ورثته أمي من جدتي ليحفظ رأسي من القمل، وكنت أهرب منها لأني أحب أن أرى القمل، مرة واحدة يا أمي دعيني أراه، فالقمل لا يسكن إلّأ رأسا أثقله الحزن! وهناك في زاوية أخرى تخبئ مصروفك لتشتري أربع بيضات، تسرق من كيس طحين الدكان بفرجك حفنة، وتنتظر الليل لتصنع لي كعكا، تدسّه في فمي وأنا نصف مغمضة، أسألك ما هذا، تقول هذا قلبي، كليه يا حلوتي، وفي الصباح أروي لك حلما عن أمّ حنون تصنع الكعك ليلا وتوزّعه على اليتامى!
حين تكون أما أردم حفرة اليتم في روحي وابكي وأبكي كما الأطفال في ليلة عيد لأشتري حذاء جديدا،..فهلّا كنت أمي ليوم واحد فقط