ما دامت كل الاطراف في العراق، رسمية وغير رسمية، منظمات وفصائل، ترفع شعارات مذهبية، في حروبها الداخلية، فلا يمكن لهذه الحرب ان تنتهي، فهي حرب تلد اخرى.
في تطهير الفلوجة من الجماعات المتشددة شعارات مذهبية اكثر تشددا، ووسائل الاعلام الاجتماعي تفيض بتسجيلات ومقاطع لمقاتلين يريدون اقتحام الفلوجة يرفعون شعارات مذهبية، ويستغيثون بأسماء ذات قيمة وازنة في التاريخ الاسلامي، دلالة على طبيعة الحرب، ومن هو مقابلهم يطلق بالتأكيد فتاوى تبيح دم هؤلاء، ايضا، وشعارات مذهبية لا تختلف عن شعارات الحشد الشعبي، بل ويتم تنفيذ عمليات قتل في بغداد، تحت العناوين الفرعية المذهبية ذاتها، التي تقول ان هذه الحرب ليست حربا بين الحق والباطل، او الشرعية واللاشرعية، او الاستقرار والفوضى، بل حربا ذات صبغة مذهبية.
هذه حرب لن تتوقف ابدا، ما دامت محركاتها بين الجميع مذهبية، فحتى لو انتهى داعش في الفلوجة او الرقة، فسيخرج تنظيم آخر جديد، لان عنوان الحرب والانتصار والهزيمة، بمثابة ثأر لا يمكن اطفاء نيرانه، ولو كانت محركات الحرب، استرداد الاستقرار دون شعارات مذهبية، من جانب الجهات الرسمية، لفقدت الجهات الاخرى مشروعيتها، لكن يتم فعليا تقويتها بجعلها وكيلا حصريا وحيدا عن سكان هذه المناطق في وجه شعارات مذهبية، وانتقامات تجري على هذا الاساس.
الحرب في الفلوجة العراقية، تصطبغ بلون مذهبي، وهذا اللون يفسر ان الحرب تتجدد، كل فترة، وما يسمى بالارهاب، لن ينتهي ابدا، ما دامت الحرب مذهبية، وسوف يكتشف الجميع، انهم يمنحون هذه التنظيمات سبب وجودها، وقوتها، امام ما يجري للمدنيين، في هذه المناطق، ردا على ما تفعله هذه التنظيمات للمدنيين في مدن اخرى مثل بغداد.
لو كان العقل حاضرا، لطرحت بغداد الرسمية، شعارات عامة وطنية بخصوص استرداد الامن في هذه المناطق، فيما تصنيع شعارات مذهبية، ضد مجموعات ارهابية، ترفع ايضا شعارات مذهبية، يقول ان وقود هذه الحرب لن ينتهي ابدا، فكل الاطراف، ترمي بالحطب في وقود هذه الحرب، ولعل هشاشة التخطيط تتجلى بإصرار الرسميين، على ان لا يجد سكان غرب العراق، وكيلا لهم، سوى داعش، في ظل الاستفزاز المذهبي، ضد اهل هذه المناطق، ردا على ما يتعرض له الاشقاء في بغداد ومناطق اخرى، فلا نعرف اين الذكاء في هكذا ادارة، تحشر الناس في مذاهبهم، بدلا من وطنيتهم العامة.
كلما ضعفت داعش، زادوا قوتها، وسوف تثبت الايام، انهم من يمنحونها اسباب القوة والاستمرار والانتعاش، وكلما ضعفت، عادت اكثر قوة، وكل التقديرات عن تعرض داعش لاضرار قد تكون صحيحة، لكنها بالتأكيد ليست نهائية، اذ علينا ان ننتظر عودتها اكثر قوة، او بروز قوى من ذات فصيلها.
الدستور