في هذه الايام تمر الذكرى الثانية عشرة لاكتشاف اعمال التعذيب التي كان يقوم بها جنود اميركيون في سجن ابو غريب..والذكرى الخامسة والاربعون لمذبحة ماي لاي اثناء الحرب الفيتنامية والتي انتهت بهزيمة امريكية واعادة توحيد فيتنام 1975...
والشاهد هنا من اهله.كما تقول العامة..،فصاحب السبق الصحفي في الجريمتين هو(سيمور هيرش ) صحفي اميركي محترم..ففي سجن ابو غريب استطاع هيرش الكشف عن جرائم التعذيب لعراقيين والتي كان يرتكبها جنود اميركيون اثناء احتلالهم للعراق قبل 13عاما لم يستطع الاميركيون نفي هذه الجرائم البشعة.. والتي تبتعد عن اميركا اكثر من عشرة الاف ميل .
إنجاز الزميل المحترم هيرش في سجن أبو غريب العراقي سبقه إنجازات صحفية كبيرة له قبل ذلك بكثير، فقصته الأشهر كانت في العام 1969 من القرن الماضي حين استطاع هيرش الكشف عن مذبحة قرية( ماي لاي) الفيتنامية التي نفذتها قوات الاحتلال الأميركية في فيتنام، وحصل بسبب هذا الإنجاز الصحفي الرائع على جائزة بولتزر للصحافة الدولية العام 1970.
في الشرق الأوسط اللندنية قرأت حواراً طويلاً ممتعاً أُجري عبر الهاتف مع سيمور هيرش مكتشف فضيحتي ماي لاي وسجن أبو غريب، الحوار مليء بالتواضع ونكران الذات يقول فيه: الحمد لله ان قضية (أبو غريب) قد تم كشفها ،سواء كنت أنا أو غيري من الزملاء.. ما استطيع قوله كأميركي: هو أن هذه القضية تُظهر بأن هناك قليلاً من الأمانة المتبقية في النظام الأميركي، وأنا هنا لا أُدافع عن الصحافة الأميركية فأداؤها كان سيئاً للغاية أثناء فترة (الرئيس بوش الابن ) وتحديداً في موضوع أسلحة الدمار الشامل لافتاً أنه حصل على الصور والتقارير حول ما حصل، في سجن أبو غريب هذا السجن الجحيم، من داخل أميركا وليس من الشرق الأوسط..!
مطالباً هيرش (الصحفي الحق) بأن يتحلى بالصبر كأي صياد ماهر مشيراً إلى قيام مستشار وزارة الدفاع الأميركي انذاك بوصفي إنني غير وطني..! وأقرب ما أكون إلى الإرهابيين....!.. مضيفاً هيرش: أنا لا أود أن يكذب أولادي عليّ أو أن أكذب أنا عليهم، فأنا لست مثل غالبية الأميركيين الذين يقولون ببساطة: إن رؤساءنا أو مستشاري الأمن القومي لدينا سواء كيسنجر أو كونداليزا رايس لا يقولون الحقيقة لكني أؤمن أنه يجب علينا أن نضعهم أمام أعلى المعايير الممكنة...!
ويصف هيرش حرب أميركا في فيتنام بأنها كانت خطأ تكتيكياً، لقد حاكمناها في أميركا وقلنا: إنها حرب إجرامية، لقد قتلنا وجرحنا فيها الكثيرين من الفيتناميين 3ملايين و100 الف قتيل و3 ملايين جريح وقُتل منّا الكثير أيضاً 57522 الفا.. !
أما حرب أميركا في العراق، فيقول عنها هيرش: هي حرب استراتيجية وبدون أسباب، لقد وضعنا أنفسنا في موقف حرج لدى العرب والمسلمين ليكون لديهم كم كبير من الكراهية لنا وبالطبع كان لسجن أبو غريب دور كبير في هذه الكراهية إضافة إلى قصة صحفية أخرى كتبتها العام 2000وكانت عن ضابط كبير( بيري ماكفيري) الذي كان قائداً لشعبة عسكرية في نهاية حرب الخليج الأولى 1991 والذي قام بمهاجمة لواء عراقي مُتراجع فقام بقتل 800 منه وأعدم 400 سجين حرب عراقي وقد تحدث إليّ العديد من الجنرالات في الجيش الأميركي بغضب حول ماكفيري وما فعله من قذارات.. إنها حروب بلهاء..!
الراي