أتابع الصديق محمد خير موسى، على فيسبوك، واستمتع بطرائفه الشفيفة، ومداخلاته المرسومة بعناية، وأدب راق، وعبارة مشرقة تخلو من الأخطاء، والميزة الأخيرة عزت كثيرا في فضاء العالمِ الأزرق، كما يحلو للصديق أن يسميه.
مسألتان تلفتان النظر في هذا الفضاء المفترض، كتب عن أولاهما الصديق محمد، وهي أنواع الإعجابات، ويطيب لي أن «أستعير» تصنيفاته اللطيفة جدا، لأنواع الإعجابات..
الإعجابُ الحاتميّ: إذ إنّ شريحةً من سكّان العالم الأزرق يتفجّرُ كرمُها الحاتميّ على صورة رشِّ الإعجابات على كلّ ما يعترضُ طريقهم من منشورات، ولا عبرةَ عندهم بقراءة المنشور وعدمه.
الإعجابُ الرَّحميّ: وهوَ الإعجابُ الذي يضعه المرءُ لذوي الأرحام من عائلتِه أو أقربائه ولا يكون له علاقة بالمنشور ولا بالفكرة على الإطلاق، بل يكون الدّافع إليه صلة الرّحم وجبر الخاطر.
إعجابُ النّكاية والإغاظة: ويكونُ الهدفُ منه إغاظةَ أحدٍ ما على الفيس بوك أو النّكاية به، كأن تضع فتاة إعجابًا على منشورٍ وهي تعلمُ أنّ فعلها يغيظ فلانًا أو فلانة وهي تتلذّذُ بهذا!
الإعجاب التّشجيعيّ: وهنا يقصدُ بعضُ من يرونَ أنفسهم نخبًا ثقافيّة أو قاماتٍ فكريّة أن يشجّعوا الأفكار الجديدة النّاشئة والخبرات المغمورة؛ فيضعون الإعجاب على بعض المنشورات بقصد التّشجيعِ والتّعزيز!
الإعجاب الكيديّ: ويكثرُ هذا النّوع من بناتِ الحلال اللّواتي يتحرّقن كيدًا وغيرةً من فكرةٍ أو منشور أو شخصٍ ما في هذا العالم الأزرق؛ فلا يضعنَ الإعجاب على المنشورِ وإنّما على تعليقٍ ينتقدُ فكرةَ المنشور رغم عدم قناعتهنّ بالتعليق.
إعجاب (كَشَفتك): وهذا يضعه المرءُ على منشورٍ مسروقٍ ليقول لصاحبِ المنشور إنّ سرقته مكشوفة، وإن كان واضع الإعجاب هو صاحبُ المنشور المسروق. وقد تضعه فتاةٌ على تعليقِ شابٍّ أو بالعكسِ بهدفِ إخبارِ التَّتبّع، وكأنّها تقول له: يا عيب العيب؛ وبتعلّق عندها كمان!
إعجاب الموثوقيّة: وهذا الإعجاب لا علاقة له بالمادّة المنشورة، بل بالنّاشر؛ إذ يتجلّى في أن يضع الشّخص الإعجاب على منشورات شخص قبل قراءتها، لثقته به وبكلّ ما يكتب.
الإعجابُ الصّدقة: وهو الذي يأتي استجابة لاستجداء الإعجابات، وبِنِيّة فكّ الضّيق وتنفيس الكربة عن أحد السّكّان الذين اضطرتهم الحاجة والتّبليغات إلى مدّ أيديهِم.
إعجاب ردّ الجميل: وهو الذي يكون دافعه الأوحد ردّ كرم أصحاب الإعجابات بمثلِها، وهكذا تتوثّق آصرةُ الأخوّة الإعجابية وشيئًا فشيئًا يمكن أن تتمّ زياراتٌ متبادلة عبر تعليقات المجاملة وكسب الودّ.
إعجاب تعزيز الذات: ويمثّل هذا النّوع الذين يضعون إعجاباتٍ على منشوراتِهم.
الإعجابُ الإعجاب: وهذا هو الإعجاب الحقيقيّ الذي يكون تعبيرًا عن استحسان الفكرة، وتفاعلًا مع مضمونِها!
المسألة الثانية، التي تسترعي الانتباه في فيسبوك، وما أكثر عجائبه ومسائله، وضع إحداهن أو أحدهم لعبارة: ممنوع الدردشة، وحين أقرأ مثل هذه العبارة، اشعر أنها دعوة مبطنة وحارة، للدردشة، فمن لا يريد التواصل مع الخلق، ليس مضطرا للرد عليهم، دونما تباهٍ بهذا الإعلان، وقريب من هذا الأمر، التباهي من بعض رائدات الفيسبوك، أنهن بستعرضن كيف يجهزن بالشبشب، على كل من يحاول التعرف، أو التحرش، بهن، وأنا أعلم، وربما أنتم كذلك، أن عدد المتحرشات قد يفوق عدد المتحرشين، في هذا العالم الأزرق!
الدستور