الانفتاح التجاري نعمة أم نقمة
د. فهد الفانك
23-05-2016 02:59 AM
كان الاقتصاديون منذ مدة طويلة ينادون بالانفتاح التجاري العالمي، وكانوا يبررون هذه الدعوة باسم مزايا التخصص بحيث تنتج كل دولة ما هي اكثر تأهيلاً لإنتاجه على أن تصدر الفائض وتستورد ما يلزمها من بلد لديه ميزة في إنتاج مادة أخرى.
مع تحفظات محدودة أخذ العالم بسياسة الانفتاح التجاري وحرية حركة الأموال والأشخاص والبضائع عبر الحدود، وتحققت مزايا مؤكدة، ولكن ليس بدون ثمن باهظ وصل في بعض الحالات حداً لا يطاق.
التجارة العالمية في عالم اليوم حرة، وهناك هيئة دولية تشرف على التطبيق هي منظمة التجارة العالمية التي تشمل عضويتها معظم دول العالم بموجب شروط وقيود ملزمة لجميع الأعضاء تحت طائلة العقوبات.
أما أن التجارة العالمية الحرة حققت فوائد ومزايا، ورفعت معدل النمو الاقتصادي العالمي، وحسنت مستوى المعيشة، فهذه حقائق لا مراء فيها. المشكلة تكمن في الثمن الباهظ الذي أصبحت بعض المجتمعات لا تطيقه، وترفض الاستمرار في دفعه.
خلافاً للاعتقاد السائد بأن الانفتاح التجاري العالمي والعولمة إنتاج أميركي، وأنه يحقق مصالح أميركا على حساب مصالح العالم، فإن المعارضة الشديدة لهذا الانفتاح موجودة في أميركا بالذات، ومن قبل جماعات كبيرة من السياسيين المحافظين.
ما يثير غضب هـؤلاء ورفضهم للتجارة الحرة هو فقدان فرص العمل، التي رحلت إلى البلدان ذات العمالة الرخيصة، وبذلك أفلست المصانع والشركات الأميركية الكثيفة العمالة كالملابس والأدوات الإلكترونية لأن إنتاجها انتقل إلى البلدان الفقيرة. الأميركيون يلبسون الآن ما يصنعه عمال الصين وفيتنام وبنجلادش.
خسارة أميركا الرئيسية تحدث في مجال فرص العمل التي هاجرت إلى المكسيك والصين وغيرها. أما خسارة الأردن فتتمثل في قتل الصناعة الأردنية الوليدة، التي أصبحت في حالة اختناق وتراجع بدل أن تتقدم.
تحمسنا لاتفاقيات التجارة الحرة على أمل أن تنفتح أمامنا أسـواق العالم، فكانت النتيجة أننا لم نستفد من تلك الأسواق، بل فقدنا سوقنا المحلية الذي تم اجتياحه من جانب الصناعة الأوروبية والأسيوية، حتى وصلت درجة اختلال الميزان التجاري مع بعض البلدان إلى 25 إلى 1 أي أن الاردن يلعب دور الطرف المغبون الذي فقد سوقه المحلي دون أن يكسب أسواقاً خارجية.
الراي