مؤتمرات وندوات عقاب لــ"عقول الاردنيين"
فارس الحباشنة
22-05-2016 03:03 PM
كثيرة هي المؤتمرات والندوات وورش العمل التي تنظمها الحكومة ومؤسسات مدنية، وينشغل همها كما تظهر للرأي العام بالبحث في قضايا الارهاب والتطرف والاعلام وما شابه ذلك. هذا ما يحدث تقريبا كل أسبوع، حيث تحتضن فنادق عمان والبحر الميت فعاليات ونشاطات واحيانا تمتد الى العقبة تعد بطريقة مستوحاة من اساليب حشد الطوابير من الجمهور غير المختصين ومشاركين ايضا غير مؤهلين معرفيا وعلميا، وليتكلموا تحت ظلال عناوين فضفاضة عارية من المهنية والموضوعية والعلمية، ولمواضيع أيضا طرحها متلبد بالتكرار.
بعض الوجوه التي يتكرر ظهورها في كل المؤتمرات والندوات، يسميها «خبثاء « بالمنتخب الوطني للمؤتمرات والندوات، وهم جميعا يتميزون بالقدرة على الخطابة في كل شيء وعن أي شيء، وبسرعة الضوء يجهزون بحثا او «ورقة عمل « في أي موضوع يكون مطروحا للنقاش والحوار، ولو عن الطاقة النووية.
هذه الطرق والاساليب التي تدار بها صناعة ثقافة «المؤتمرات والندوات «، تحشيد لجمهور من المتفرجين والمصفقين، والذين لا يشغل بالهم سوى انتظار «بوفية الغداء « لتناول تشكيلة منوعة من أطعمة يجيد طهاة فنادق الخمس نجوم طبخها بـ»ابداع وتفنن».وقد يغني تناولها عن حشو الخطب والكلام الفارغ الذي تصدأ اذانهم بسامعه من المحاضرين.
محاضر مشهور، كرر طرح « ورقة عمل «عن الارهاب والتطرف بنحو 5 مؤتمرات،» نفس الكلام «، وكأن المطلوب حقا هو مجرد أقامة مؤتمر أو ندوة، وأبراز كم من الحضور دلالة على ضخامة الفعالية او النشاط لاغير.
ويبدو أكثر ما يعيب هكذا فعاليات ونشاطات أن تقوم على نظرية أن جديد الافكار مقلق ومرعب مخيف، ولا أهمية لسماع افكار وأصوات جديدة، بقدر ما هو مهم أن يعقد المؤتمر او الندوة ويتم نقلها عبر الاعلام وتظهر أمام
الرأي العام محشوة فقط بالصور.
احيانا يتزامن عقد مؤتمرين وأكثر ويحملان نفس عنوان القضايا والمواضيع، وكأن المطلوب هو اشغال قاعات وصالات ومطاعم الفنادق من خلال حفلات ندب جماعية للعقل الجمعوي، والذي يشتم عناوين الازمات والقضايا العامة دون أن يقدم برهة عقلانية وعلمية موضوعية للتفكير بها، ووضع مقاربات في التشخيص والتحليل والمعالجة.
المهم أن الحفل قد أقيم والعريس تم زفافه، وفقا لهذا "المنطق" كما يبدو الحال بكل أشمئزاز.
أعرف اكاديميين ومثقفين اردنيين وعرباً، يرفضون المشاركة بهكذا مؤتمرات وندوات، واسماؤهم تم وضعها على «القوائم السوداء» لأنهم أبدوا رأيا حارجا وناقدا لمؤتمرات وندوات اقامتها يصيبها القلق والشك، ويدفع بالسؤال عن «الصيغ المبهمة» التي تؤطر العناوين والمواضيع والافكار ؟ والمهم أن المؤتمر يقام وتستمر نشاطاته ليومين وأكثر ويمتلىء بالخطب الانشائية، وينتهي بتوصيات على شكل «بيان « انشائي يكون عادة مستنسخا عن مؤتمر سابق، ولربما الجديد يكون في تلوين الاوراق وتغيير شكل « الترويسة « واستعمال عبارات جوفاء خالية من أي معنى أو قيمة رمزية لتداولها، وبالاخص عندما يكون الموضوع « الارهاب والتطرف».
الحقيقة أننا بحاجة الى قدر كبير وواسع من الشجاعة للاعتراف بالاخفاق والفشل، شجاعة لربما تكون وقودا لتجاوز المحن التي نمر بها، وبقدر كبير أمام متسع من التفكير العقلاني العلمي والموضوعي الذي يفتح المواجهة أمام اسئلة كثيرة، لا يمكن تجميعها تحت مظلة التسطيح والتسويف على طريقة ما يتم طرحه في المؤتمرات والندوات.
الدستور