إن المتابع للشأن الداخلي الأردني والشعبي تحديداً يلاحظ أن أقصى ما يتمناه أبناء الاْردن هو سلامة الوطن من كل مكروه، ومن ثم العيش بكرامة. ولو قمنا بالاستماع الى صالونات ومضافات ودواوين الأردنيين ومجالسهم لسمعنا العجب العجاب، حيث أن الأردنيين من أكثر شعوب الارض اهتماماً بالسياسة، فلا تكاد تخلو جلسة او نقاش من تحليل عميق وموثق بالشواهد والاحداث لما يدور في الداخل او الخارج مع القدره على التنبؤ بما ستؤول اليه الأحداث في المستقبل.
ولكن ماالذي جعل الأردنيين يمتلكون هذه المقدرة على التحليل والتنبؤ؟ والجواب أنها الحياة التي عاشها الأردنيون وتحديداً منذ تأسيس المملكة الاردنية الهاشمية حتى وقتنا الحالي حيث فرضت عليهم الأحداث المتسارعة والتغيرات الديموغرافية والسياسية والحروب والنزاعات الى الاتجاه الى السياسة لارتباط حركاتهم وسكناتهم بها. حيث يعيش الأردنيين في أعقد مناطق الصراع في العالم وبالتالي فلا مبرر للعجب اذا ما عُرف السبب.
ولكن قد يقول قائل ما علاقة هذا الحديث بعنوان مقالتي؟ والجواب هو أن السياسة والمواضيع السياسية أصبحت طعام وشراب الأردنيين لارتباطها بجميع مجالات حياتهم، ولكن من اهم أسباب ارتباط الأردنيين بالسياسة هو فقدان الثقة في أهل السياسة لأرتباط الكثير منهم من قريب او بعيد بالفساد حتى فقدت الأغلبية من أبناء الاْردن الثقة في كل شيء اسمه سياسي.
وبالعودة الى ما الذي يريده الأردنيون، الجواب هو الصدق. نعم الصدق حيث أن الحكومات المتعاقبة والكثير من النواب والأعيان امتهنوا الكذب على الشعب لبيع بضاعاتهم وسياستهم وخططهم الكاسدة على الشعب بحجج كثيرة منها خفض المديونية كما كانت تدعي حكومة النسور وبعد اربع سنوات عجاف تذوق فيها الشعب المر والجوع بسبب الرفع الجنوني للاسعار وزيادة الضريبة على الخدمات وتقليص الرواتب او منع زيادتها لنفس السبب، توقع الأردنيين إنخفاض كبير في المديونية ولكن صُعق الأردنيين وانا أولهم بالارتفاع الغير مبرر في المديونية! اما بالنسبة للنواب المحترمين فلم يقم أيُ منهم الا ما رحم ربي بالاعتراض على رفع الأسعار او الوقوف مع الناخبين، بل أن بعضهم كان يتغيب لسبب او لآخر عند التصويت على اي مشروع يضر بالسواد الأعظم من الأردنيين.
ان سقوط الكثير من السياسيين في الفساد او العمالة للحكومة لتمرير قرارات او مشاريع تضر بالشعب على حساب تمثيل الناخبين كما يجب خلق ما يسمى بانعدام الثقة وبالتالي أصبح الحديث في المجالس ينصب تحديداً على من سيكون السياسي الفاسد التالي؟
تخيلوا اعزائي القرّاء مقدار الانحطاط الاخلاقي لبعض السياسيين الذين باعوا كرامتهم والتزاماتهم لبرامجهم الانتخابية او من حنثوا باليمين من اجل حفنة من الدولارات مما خلق في عقول الأردنيين فساد السياسيين حتى يثبت العكس، ولا حول ولا قوة الا بالله.
خبير فُض نزاعات