لقد كانت كلمات الأميرة المحبوبة بسمة مؤثرة جداً ،حيث ورد كلامها هذا على إثر اضطرارها لإقامة حفل زفاف نجلها من زوجها السيد وليد الكردي خارج الأراضي الأردنية وتحديداً في العاصمة البريطانية لندن حيث يقيم والد العريس الذي صدر بحقه حكم بالسجن على خلفية لها علاقة بفترة إدارته لشركة الفوسفات .
هذه مناسبة أنتهزها للكتابة عن السيد وليد الكردي ، فعندما كنا نطالب بمحاسبة من دارت حولهم شبهات الفساد لم يكن السيد وليد الكردي ومن وجهة نظري من ضمن الشخصيات المطلوب محاسبتها ،وقبل الخوض في شرح وجهة نظري هذه ،أود أن أشير هنا بأني كنت أحد موظفي شركة الفوسفات ،وكنت من أشد المطالبين بخصخصة هذه الشركة ،وقد كتبت عن ذلك بالصحف الرسمية وذلك تبعاً للوضع المزري الذي وصلت إليه الشركة مع توالي خسائرها السنوية ،فلقد كانت الشللية والمحسوبية والاقصائية هي أبرز عناوين إدارة الشركة ،ولقد كنت والكثيرين من العاملين ننتظر بفارغ الصبر أن تتم عملية الخصخصة للتخلص من "الطغمة " المتحكمة بمصائر العاملين ،فكل موظف كان لا يتناغم مع هذه "الطغمة " كان يتم إقصائه جهاراً نهاراً دون أي وازع من أية جهة رسمية بالدولة الأردنية ،لا بل كان هناك بعض العاملين بالجهات الرسمية يباركوا أعمال هذه "الطغمة " بحجج واهنة .
جاءت الخصخصة وجاء معها السيد وليد الكردي وقد تفاءلنا بالخير ،فما كاد يبدأ بإزاحة بعض الوجوه المنفرة والمتنفذة من إدارة الشركة حتى بدأت تلك الوجوه بالهجمة عليه ،فلقد أوصلوا شكوى للديوان الملكي ( هذا ما سمعناه أثناء عملنا بالشركة ) منتهزين الوضع الحساس للسيد وليد الكردي لكونه نسيب للعائلة الهاشمية ،محذرين بأن الكردي يلعب بالنار بتعامله مع تلك الوجوه ،غامزين بذلك من جهة العشائرية ،مما اضطر الكردي للتراجع عن خطوته الأولى بإعادة بعض من أزاحهم إلى واجهة العمل بالشركة مما زاد بشراستهم ولكن هذه المرة كانوا يبثون حقدهم ضد خصومهم بصمت وبخبث ،وكانت هذه أول ضربة يتلقاها الكردي في إدارته للشركة ،وهذا ما دفع بقلة من الذين انتظروا الخلاص على يد الإدارة الجديدة لتقديم استقالاتهم وكنت أول المستقيلين .
أعود لتبرير وجهة نظري بأن السيد وليد الكردي لم يكن من ضمن الشخصيات التي كانت تحوم حولها شبهات الفساد ،فبداية نقول بأن السيد وليد الكردي لم تتضخم أمواله الخاصة فجأة بعد توليه لإدارة الفوسفات أو حتى قبل ذلك بسبب نسبه الشريف من الهاشمين ،فالكردي سليل لعائلة امتهنت التجارة والأعمال الحرة منذ بدايات تشكّل الدولة الأردنية .ولو نظرنا للتهمة الرئيسة الموجهة له والتي تتلخص بأنه "قد فوت على شركة الفوسفات تحقيق ارباح اضافية وأنه قد حابى جهات خارجية على حساب شركة الفوسفات وهو ما يطلق عليه وصف استثمار الوظيفة."
يا سلام على هذه التهمة ما أوهنها ،نحاسب الكردي لأنه فوت مزيد من الأرباح في الوقت الذي حققت شركة الفوسفات في زمنه أرباح قياسية فلكية لم تكن واردة في أحلام أكثر المتفائلين .
هذه التهمة كان يجب أن توجه إلى من تولوا إدارة الفوسفات قبل وبعد فترة تولي الكردي لها .
أما بقية التهم وأبرزها بأنه حابى بعض شركات الشحن وبأنه قام ببيع الفوسفات من خلال شركات وسيطة فكلها تسقط أمام الهدف الرئيسي للشركة الا وهو بيع الفوسفات وهذا ما فعله الكردي وعجز عنه جميع من تولوا الشركة قبله وبعده ،وهنا نقول بأن الدول الأوروبية وخاصة المانيا والتي تتعامل بحزم شديد مع الشركات التي تحاول كسب صفقات تجارية بطرق ملتوية داخل أراضيها ،وفي ظل تجارة ومشاريع دولية يسودها الفساد فأن هذه الدول قد سمحت لشركاتها العاملة خارج أراضيها بدفع رشاوي لأي جهة في سبيل كسب صفقات تجارية ، فهل نستكثر هنا في الأردن أن يقوم الكردي بعمل مشابه في سبيل تسويق وبيع الفوسفات .
بتنا لا تعلم ما الذي يمنع بإغلاق ملف السيد وليد الكردي خاصة وقد حكم القضاء الأوروبي ببراءته من التهم التي وجهت له وسمحت له بالتصرف بأمواله التي كانت محجوزة بالبنوك في بلادهم .
بقي أن أقول بأن جميع موظفي شركة الفوسفات يترحمون الآن على الزمن الذي كان به السيد وليد الكردي يدير هذه الشركة ،ففي زمنه تضاعفت رواتبهم ومكافئاتهم بشكل لم ولن يتكرر .
سيدتي سمو الأميرة بسمة ،أعذرينا على فجاجتنا التي حرمتك من أن تحتفلي بعقد قران نجلك على أرض وطنه وبين أهله وعزوته .