طالب الدقس والله لا يخزيك الله ابدا
ففد كنت كما كان نبيك وقدوتك صلى الله عليه وسلم
تصل الرحم وتعين على نوائب الدهر
شتاء عام 1980 ضمتني حجرة جامعية مع شخص لطيف المعشر مهذب الكلمات يشيع الود والإنس بين رفقاء الشقة
يداعب هذا ويسري عن هذا بشخصية جذابة ساحرة
تعرفت إليه فإذا به من بلدي بئر السبع ومن أعرق قبائلها قبيلة الجبارات ومن اشرفها نسبا عشيرة الدقس
كنت قد أتيت من عمان الحبيبة حاضرة الاردن الغالي
بدوي الاسم مدني الطباع والسلوك
عندما تقرب مني وقربت منه وجدني لست أحمل هوية البدوي الجميلة وفي نفس الوقت لست بذلك المدني عيشة وسيرة حياة
وإنما بين البينين فلست بالبدوي صفات وسلوكا ولست بالمدني طباعا وحياة
عرف ذلك مني فآلى رحمه الله على أن يعيد تشكيلي بدويا أصالة ومعاصرة
وهكذا سارت بي الحياة في جامعة الملك عبد العزيز بجدة الحجازية
كان رحمه الله صريحا مباشرا ولكن بتهذيب وإناقة
اقتبست منه صراحته وصدقه واعجبت بظرفه وسرعة بداهته إذ كان رحمه الله محط أنظار الجالسين ومستقطب انتباههم وقلوبهم
كان رحمه الله معطاءا بلا حدود وكريما وجوادا سمحا دون منة أو دالة
كان شهما ذا نخوة عجيبة ما أن تدعوه إلا ويلبي النداء دون إبطاء رغم اشغاله وانشغاله
كان ودودا متوددا لين الجانب والمعشر متواضعا رفيع التواضع
ويزين كل ذلك ثقافة أدبية جمة سواء ثقافة البداوة التي يتقنها بإيداع أو ثقافة الأدب والشعر
كان رحمه الله ذا همة عجيبة وطاقة لا تعرف الكلل أو الملل سقف طموحاته لا ينتهي وان كان غاية أمله إرضاء مولاه سبحانه وتعالى
لي مع طالب الدقس حكايات وحكايات ومواقف ومواقف امتدت قرابة ثلاثة عقود ونيف لم ينقطع حبل تواصلنا خلالها ابدا
موقف لا انساه ابدا عندما نقل لي موقف العلامة الكبير الاستاذ الدكتور عبدالرحمن بارود في مقولته الشهيرة
وفوق كل ذي علم عليم في معرض تعقيبه على من تخطاه مسرعا بسيارته
وموقف وقوفه بجانبي في قصة جميل اركوبي الجميلة حقا والمغامرة جدا
كان رحمه الله يواصلني انا والأخوة الأحبة زملاء الدراسة الجامعية فكان كثيرا ما يدعونا إلى مائدته البدوية الجميلة
وكان رحمه الله يتصل هاتفيا للاطمئنان وكان صاحب واجب فقد آلى على نفسه رغم حالته الصحية إلا أن يقوم بواجب العزاء عند وفاة عمي حامد رحمهما الله تعالى قبل وفاته بشهر
دعاني إلى وليمة أعدها لتكريم أصدقاءه في مراحل الدراسة قبل الجامعية وفاء لهم وتقديرا لكن ولسوء طالعي لم أتمكن من الحضور
كانت آخر مكالمة بيننا قبل وفاته رحمه الله بأسبوع عندما استفسرت منه عن مقالته التي نشرها بخصوص السبعاوية وعين الباشا حيث وقف رحمه الله وقفة الأسود الشجعان ضد أي عمل يريد بعين الباشا شرا
إذ كان كنبيه وقدوته صلى الله عليه وسلم وفيا مخلصا للمكان الذي نشأ فيه وشرب من ماءه وبنفس هواءه
طالب الدقس رحمه الله تعالى كان نجم المجالس ومركز أحاديثها فهو وان لم يكن شيخ قبيلة أو زعيم قوم لكنه كان بقوة فكره وشخصيته الجذابة كل ذلك
رحمك الله يا صديقي واخي وحبيبي أبا ابراهيم والذي أدين لك بما وصلت إليه شخصيتي من فكر وأسلوب ومسيرة حياة
مصابي بك كبيرا كبيرا وربما أكثر من عشيرتك وأهلك
لاني وجدت فيك رحمك الله ضالتي في البدوي المعاصر الأصيل
وما يعزيني ويسري عني ان يوم جنازتك كان يوم الجمعة احب الأيام إلى الله تعالى
هنيئا للجنان التي تزينت لمقدمك والتي عسى الله أن نلقاك في فردوسها الأعلى مع نبينا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم
مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا
وسلام الله عليك في الخالدين