مواطن يحمل جنسية دولة تقع في مكان يمتد من المحيط إلى الخليج . خرج أجداده من جزيرة العرب بحثا عن الماء والكلأ ، وتحتمل عودته وعائلته إليها تحت ضغط قوى عظمى - أو متعاظمة - في أي وقت تحدده. ديانته الإسلام ، وهناك عشيرة تحمل الاسم نفسه تدين بالمسيحية . يعاني أبو عرب من أمراض وعلل قل اجتماعها بفرد واحد ، فهو مواطن مسحوق أنعم من أنعم مسحوق للغسيل ، أضناه حبه للحرية والديموقراطية والحياة الأفضل لبني قومه بدرجة تسلب النوم من بين جفونه ، وتصيبه حمى تحرقه ، وترفع ضغط دمه عندما يرى الموت في العراق والصومال وفلسطين ودارفور ، وأخطار تحدق بباقي وطنه ، وهو عاجز عن فعل شيء سوى الدعاء إلى الله " أستر يارب " .أولاد أبو عرب : عرب أكبر الأبناء الذكور ، أسماه بهذا الاسم اعتزازا بأصله من جزيرة العرب ، وفخرا بخير من ركب المطايا ، والابنة عروبة أكبر البنات وتحمل الاسم للسبب عينه ، أما عُبور فكان يودّ تسميتها زهور لكنه فضل تسميتها فرحا بعبور قناة السويس في حرب 1973 دون أن يعرف ما آلت إليه الأمور ، وأطلق اسم عرّاب وهو من صيغ عرب على ولده الثاني توكيدا للأصل والفصل ، وكان بوده أن يطلق الاسم نفسه مشفوعا برقم كعرب / 1 وعرب / 2 ، إلا أن خشيته من عيون الحاسدين حالت دون ذلك .
حرمة السيدة أم عرب ، ينالها منه الكثير ، إذ يضربها كلما ضاقت به الأحوال ، أو عصفت به المشاكل ، ولا يقوى على أحد سواها ، وأم عرب هي بطلة العالم في الصبر بكافة أوزانها ، كما تحمل الميدالية البلاتينية في الهمّ بكافة صوره وأشكاله ، فهي أول من يستيقظ من العائلة ، وتعد الإفطار لصغارها وكبارها ، وفنجان القهوة لزوجها الهمام ، إذ لا تطيب سيجارته دون قهوة ، وبعدها يغادر البيت مصحوبا بالدعاء الحار بالتوفيق والعودة سالما غانما ، أما دعاء مغادرة الأبناء فأهم بنوده الدعاء بإبعاد أولاد الحرام عن طريقهم . و تستمر أعمال أم عرب المنزلية سريعا من غسيل وتنظيف وما يمكن تسميته تجاوزا طبخا ، لتتمكن من الخروج إلى أحد المنازل لتقوم بأعمال وخدمات منزلية معروفة مقابل دنانير معدودة . وعلى السيدة أم عرب أن تكون بكامل أنوثتها عند العودة الميمونة لزوجها ، وعليها أن تكون بكامل عافيتها لتلبي احتياجاته العاطفية ، فساحتها هي الساحة الوحيدة التي يكون فيها أبو عرب بصيغة الفاعل . والمسكينة خائرة القوى لا تقدر حتى على الوقوف مما عانته وكابدته في يومها .
يعمل أبو عرب موظفا ، بمرتبة متواضعة ، وعليه أن يسبح بحمد كل الرؤساء دون استثناء في كل صباح ، ويبدأ برئيسه المباشر ليقدم له الأعذار التي أدت إلى تأخره عن الوصول في الموعد المحدد ، لضرورات تتعلق بشبكة معقدة من المواصلات والطرقات عليه المرور بها ، تشمل " باص " و " باص آخر " و " سرفيس " والسير لمسافة لا بأس بها على الأقدام ، هذا رغم امتلاك أبو عرب لسيارة ( يسميها جيرانه الجنازة ) متهالكة أكل الدهر عليها وشرب مئات الوجبات ، وهي من صنع دولة لا باع ولا ذراع لها بصناعة السيارات ، وهي شبه معطلة ، ويحتفظ بها لغايات " الوجاهة " وحتى يفرح الأولاد بغسيلها ، أما عدم استعمالها فيعود إلى غلاء المحروقات ، والخوف من نيل مخالفة لا يجد من يعفيه من دفعها .
وبإذن الله للحديث بقية إن كان في العمر بقية .
haniazizi@yahoo.com