اتفاق تاريخي في إقليم كردستان
سهاد طالباني
22-01-2017 11:58 AM
بعد سنوات من المنافسة السياسية المحتدمة بين حزبي الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير، قام الحزبان بتوقيع اتفاقية سياسية يصنفها كثير من المراقبين بانها "تاريخية"، هذه الاتفاقية لم تقتصر فقط على التنسيق والتعاون بين الحزبين والتأسيس لحالة تفاعل إيجابي بينهما بل امتدت بنودها لتشمل الحديث عن شكل نظام الحكم في إقليم كردستان والتأكيد على ان برلمان الإقليم هو أساس هذا النظام وان البرلمان هو المسؤول عن انتخاب رئيس الإقليم، وتكتسب هذه الرسالة أهمية كبيرة في ظل الحوار المحتدم بين كافة الأحزاب الكردية على دستورية التمديد للرئيس الحالي لإقليم كردستان العراق مسعود البرزاني .
ويعطي هذا الاتفاق ثقلا سياسيا كبيرا لكلا الحزبين في تعاملهما مع الازمة السياسية في الإقليم، وخاصة على طاولة المفاوضات مع الحزب الديمقراطي الكردستاني حول إعادة تشكيل حكومة الإقليم وتفعيل دور البرلمان وإعادة النظر في مأسسة عمل مختلف المؤسسات الرسمية وعلى رأسها مؤسسة البشمركة ومجالس المحافظات.
ومن المعروف ان الحالة السياسية في إقليم كردستان تعاني من تعقيدات بسبب الخلاف بين الأحزاب على عدة ملفات متعلقة بالرئاسة والحكومة والبرلمان، وذلك في ظل ازمة اقتصادية خانقة نتيجة الخلاف بين الإقليم وحكومة المركز في بغداد إضافة الى الاستنزاف الاقتصادي الناتج عن مواجهة تنظيم داعش الإرهابي في مناطق كبيرة محاذية للإقليم.
ويرى مراقبون ان هذا الاتفاق هو تمهيد لدمج الحزبين اللذان كانا في الأساس حزبا واحدا حتى عام 2009 قبل ان يستقيل القيادي في حزب الاتحاد الوطني نوشيروان مصطفى ويؤسس حركة التغيير والتي باتت منذ ذلك الوقت لاعبا سياسيا رئيسيا ومنافسا شرسا لحزب الاتحاد وخاصة في محافظة السليمانية التي كانت حتى ذلك الوقت معقلا تاريخيا لحزب الاتحاد الوطني بقيادة جلال طالباني.
ووجه الحزبان بعد توقيع الاتفاق وعلى لسان اكثر من قيادي فيهما رسالة هامة الى الحكومة المركزية في بغداد مفادها ان الأولوية الان لترتيب البيت الكردي الداخلي ومن ثم التفرغ للتعامل مع المشاكل التي تحكم العلاقة بين الإقليم والحكومة المركزية، الا ان العارفين ببواطن الأمور يقرأون الاتفاق في اطار ابعد من الخلافات الاقتصادية بين المركز والاقليم، وبالتحديد يتعلق الامر في الجانب من الاتفاق الذي يتحدث عن البشمركة، حيث ينظر الكثيرون بقلق الى مستقبل العلاقة بين البشمركة وقوات الحشد الشعبي بعد نهاية الحرب على تنظيم داعش، ويخشى مراقبون من حدوث صدامات بين الطرفين نتيجة الخلافات على السيادة على الأراضي المحررة من سيطرة التنظيم الإرهابي.
الاتفاق الذي يعطي الحزبين ثقلا سياسيا اكبر بل وفرصة حتى لتشكيل الحكومة بالشراكة مع الحزب الديمقراطي او أحزاب أخرى، لا بد وان يكون له أثر على السياسة الخارجية للإقليم وخاصة في العلاقات مع تركيا وايران والكرد المتواجدين في هاتين الدولتين إضافة الى الكرد في سوريا، خاصة مع وجود اختلاف في الموقف من هذه الملفات بين الأحزاب الكردية.
كل المؤشرات سواء في نصوص الاتفاق او في اثاره المتوقعة تؤكد اننا امام اتفاق تاريخي يبدأ بالتنسيق بين حزبين مهمين في الإقليم وقد ينتهي الى اندماجهما في حزب كبير يمكنه ان يكون لاعبا قويا على مستوى إقليم كردستان والعراق والمنطقة.