زملاء محترمون جداَ شنوا حملة عشواء على وزارة العمل واتهموها بالكذب من حيث الإدعاء بأنها وفرت فرص عمل لأعداد كبيرة من الباحثين عن عمل في حين أن تقريراً للبنك المركزي يشير إلى ارتفاع معدل البطالة.
الهجمة على وزارة العمل اعتمدت على تقرير البنك المركزي والمصداقية التي يتمتع بها حيث لا تجرؤ وزارة العمل على تكذيبه!.
بداية يجب أن يكون مفهوماً أن البنك المركزي لا يقوم بإحصاءات للبطالة بل يأخذ بالأرقام التي تعلنها دائرة الإحصاءات العامة، تماماً كما يعتمد على الأمن العام في أرقام القادمين والمغادرين، وعلى وزارة المالية في تحديد نسب نمو الإيرادات والنفقات والعجز، والتغير في حجم المديونية المحلية والأجنبية، إلى آخره.
مصداقية البنك المركزي حقيقة مفروغ منها، ولكن لا يجوز توظيفها في تسويق أرقام لها مصادرها الأصلية وهي المسؤولة عن صحتها.
يقول الزملاء أن وزارة العمل تدّعي أنها أمنت فرص عمل لعدد كبير من الأردنيين كانت ستذهب للعمالة الوافدة، فكيف نوفق بين هذا الإدعاء وبين ارتفاع نسبة البطالة بدلاً من انخفاضها.
لا أدافع عن إدعاءات وزارة العمل فقد تكون أرقامها صحيحة وموثقة وقد لا تكون، ولكن ارتفاع نسبة البطالة لا يدل بالضرورة على أن أرقام وزارة العمل ليست صحيحة، فقد تكون نسبة البطالة أعلى بكثير لولا ما قامت به وزارة العمل سواء كان كثيراً أم قليلاً.
وزارة العمل مسؤولة عن تنظيم سوق العمل وإعطاء الأولوية للأردنيين، ولكنها ليست مسؤولة عن خلق فرص عمل، لان هذا يحتاج لاستثمارات لا تسمح بها موازنة الوزارة ولا تدخل ضمن اختصاصها. وما تقوم به ليس أكثر من تسهيل التقاء العرض بالطلب.
البطالة ارتفعت بالتدريج خلال السنوات الاخيرة بسبب الركود وتباطؤ النمو الاقتصادي، وقد حدث مثل هذا في أميركا حيث تضاعف معدل البطالة من 5% إلى 10% قبل أن يعود للانخفاض، ليس لأن وزارة العمل خلقت وظائف بل لأن الاقتصاد الأميركي عاد للانتعاش. وما زالت نسبة البطالة في الاتحاد الأوروبي تحوم حول 10% بانتظار خروج الاقتصاديات الاوروبية من عنق زجاجة الازمة الاقتصادية العالمية التي ما زالت آثارها ماثلة.
يبقى أن وزارة العمل ليست مسؤولة عن التباطؤ الاقتصادي وتراجع الاستثمارات والسياحة، التي تخلق فرص العمل.
في جميع الحالات فإن البنك المركزي ليس طرفاً في هذه الحملة ولا يجوز توظيف مصداقيته للتشكيك بمصداقية غيره.
الراي