ذات يوم , وفي أطراف الكرك..شاهدت فتى في الرابعة عشرة من العمر , لفت إنتباهي سلوكه ورجولته المبكرة , كان يدلل مهرة في أول العمر ويطعمها السكر والخبز..ومن دون إكتراث أو إهتمام , إمتطاها فجأة..ثم شد شعر رقبتها وانطلق هكذا بدون سرج ولا لجام.
أغواني المشهد , وما أغواني أكثر..هو أن ظهر المهرة كان حنونا عليه والفرس بالرغم من جموحها لم تقم برميه عن ظهرها , بل كأنها تقوم بموازنة جسده كلما مال أو انحنى..لم اشاهد في حياتي تناغما بين جسدين مثلما شاهدت هذا التناغم بين الفتى وتلك المهرة.
من أسس العبودية , هو ذاته من إخترع للخيل سرجا ولجاما...كيف تسرج الحرة وهل تقبل أن يربط على بطنها حزام , وأن يشد عنقها ثم نقول عنها حرة..؟ وبعد ذلك تقاد بالسوط واللجام...
دعوني أقول شيئا , الشعب الأردني هو يشبه ذاك الفتى البدوي في أطراف الكرك هو خيل أصيلة لا تسرج ولا تلجم...والعلاقة بيننا وبين الحكم قائمة على النبض..بمعنى :- أن الخيل حين يمتطيها الفارس يحركها نبضه وإحساسه , إنها أعظم كيمياء في الدنيا..وأعقد أشكال الحب والتناغم..
أنا ارى شكل العلاقة بين الحاكم والمحكوم في الأردن تماما كحال ذاك البدوي الذي إمتطى المهرة دون لجام أو سرج..وقامت بحمل جسده ووازنت ذاك الجسد في إنعطافاتها..وجريها.
في عيد الإستقلال الذي سيطل علينا بعد أيام..أقول أننا شعب كما الخيل الجموح لايسرج ولا يلجم..والقيادة لدينا لا تحتاج للجام او سرج..بيننا النبض والحب والإحساس...
إن ذاك الفتى البدوي..علمني قصة وطن كامل , قصة أعمق مما يحللون ويفسرون ويكتبون , ويمدحون , وينتقدون...أعمق بكثير قصة إختصارها :-...نحن الخيل الجموح التي لا تلجم ولا تسرج...
الراي