ذهبت الى الحقل لاحصد حبة قمح وحبة شعير، بالمناسبة، هاتان المادتان اصبحتا دخيلتين علي، فوجدتني اتذكر تموز واب وشاهدت رجالا يشبهون ابي الذي مات في القرن الماضي، تذكرت تفاصيل الرجولة والحب والبؤس والجوع معا..

في الحقول؛ امطرت السماء مطرا وحبا وحياة وبدايات ضوء الفجر واتذكر"المنجل "، وحداء الحصادين، ودموع "جلنار " على وجنة الارض ، وتذكرت دموعا وارغفة ودماء، واسترجعت روائح شاي الحطب والجمر وخبز الطابون والحجارة – قد تكون لاعداد وجبة او اريكة وقت الاستراحة واشياء اخرى .

وخرجنا من عند امنا - قوية الشكيمة -،وهي تمطرنا بالدعاء بالتوفيق لنا وترش طريقنا بالبركة والرزق، ومشغولة باعداد وجبة حساء الحصادين المكونة من الحب والحياة مع العدس واحيانا الفريكة، وفق الية التناوب حتى "الزرم "،..

بالنسبة لي لم يكن تذكر الأمر محبطا فقط، بل كان أكثر من ذلك بكثير، فاليوم وعلى خلاف الأيام الماضية استفقت - على صوت المذياع - العتيق الذي يتلازم بالعهد الاستعماري، ارشادات عامة للاستهلاك الاعلامي وكيف تقوم بزراعة "ضمة بقدونس " او "ضمة كزبرة" ، وكيف تستمتع بغناء عصفور داخل قفص، اضافة الى مجموعة من الارشادات عامة لتحمل زيادة سعر الخبر وحبة الشعير و"الكرسنة "، لانها صارت مستلزمات ثمينة في حياتنا ..

فاصل غنائي غير مرغوب فيه بالمكتبة الموسيقية : "يالله الغيث ياربي بل زريعنا الغربي .."؟!

ويزداد الاحباط ؛ مفاوضات رسمية وصعبة بين مناضلي صندوق النقد الدولي وكبار مسؤولي الحكومة تمكن المسؤولين من الالتفاف على مسؤولي الصندوق الاممي والحصول على قرض يتم بموجبه شراء 10 % قمحا ومواد غذائية ، و 90 % اكسسوارات عسكرية تتضمن تحاميل خافضة للحرارة، وابر مخدر ضد انفلونزا الطيور واقراصا للصداع المزمن وعددا من حقن "الاستراحة الابدية" على شكل خيل الانجليز..

ثمة ؛ مخصصات مالية لـمسيرات كرنفالية بالمناسبات الوطنية .. في الميناء:شحنة القمح، واحتوت على ، فئران وجراذين وهياكل عظمية لصراصير ونتيجة الفحص المخبري : غير صالحة للاستهلاك البشري ..

تقرير ثان : القمح هو من الحبة السوداء، وغني بالفيتامينات

تقرير اخير: ننصح باجراء عملية "تنخيل" للقمح ودمغ بالتوقيع والختم ثم استصدار شهادة منشا..
الانباط