"الجفر" .. حقبة خلفنا ومستقبل أمامنا
05-08-2008 03:00 AM
تعودنا نحن العرب في العقود الماضية على بناء السجون لا هدمها... لكن الأمر هنا في الأردن مختلف جدا .... حيث الحرية تحل بدل القيود ... والأعمار بدل الهدم ... وروح المبادرة تأتي من قلب الصحراء الأردنية.. ليقف سجن الجفر شاهد على ذلك .. ذلك السجن "البعبع" حيث كان يمثل في نظر من يرسلون إليه ما يمثله أبو غريب بغداد وأبو زعبل القاهرة ومزة دمشق وأبو سليم طرابلس الغرب وباستيل باريس وغوانتانامو واشنطن.
وسجن الجفر ... لمن لا يعرفه، هو من أقدم السجون التي كانت تستخدم في الأردن "للنفي الداخلي"... وهو معروف في وسط السياسيين في سنوات الخمسينات و الستينات... والكثير من السياسيين قضوا سني شبابهم هناك .
قرار الملك الحضاري ... بإغلاق سجن الجفر استقبله الآلاف من الأردنيين بارتياح سواء من أمضوا فيه سنوات من عمرهم بسبب نشاط سياسي أو من نشطاء العمل العام ... ودعوات الإعلاميين ودعاة حقوق الإنسان الذين طالبوا كثيرا بإغلاق هذا السجن في عدة مناسبات ومنها تقارير سابقة للمركز الوطني لحقوق الإنسان ومنظمات دولية .
الخطوة الملكية ... بإغلاق السجن وتحويله إلى مدرسة ومركز تدريب مهني ،وكذلك الأوامر الملكية بإعداد إستراتيجية وطنية لتحسين واقع السجون في المملكة لتكون ضمن المواصفات العالمية. ... خطوة تسجل للتاريخ ... وإضافة نوعية هائلة لملف حقوق الإنسان لدينا…وكان الجفر .. بوابة لمرحلة جديدة مشرقة في ميدان حقوق الإنسان.
الزيارة الملكية للجفر قبل يومين ... واختيار هذه المنطقة القابعة في وسط صحرائنا ... والمرتبطة في أذهاننا بالمنفى ... باتت الآن منطلقا لمستقبل واعد .. حين يطلق الملك منها مبادرته باعفاء الطلبة من الرسوم المدرسية للتخفيف عن كاهل أهلهم .. ويفتتح فيها العديد من المشاريع التنموية ... وهذا ليس بغريب ... وهو من يتلمس احتياجات المواطنين في كل مدينة وقرية.
مرة أخرى يظهر الملك رمزا للحداثة والحفاظ على الحريات وصاحب النظرة الديمقراطية والإنسانية العميقة ...مما يشير للايجابية التي تتعامل من خلالها القيادة مع جميع القضايا وبكل شفافية وهى خطوة هامة على طريق معالجة قضايا حقوق الإنسان.
Zubi1965@hotmail.com