الترويج السياحي ودليل ميشلان
فايز الفايز
15-05-2016 02:56 AM
هل تعرفون «الكمأ» ؟ كثير من الناس في المدن مع الاعتذارـ لا يعرفون الكمأ،وهو مرتبط بالفطر في ذهنية المستهلكين، فهو ينبز بداية الربيع بعد موسم الشتاء وقصف الرعد، وبلغ سعر الكيلو غرام منه ثلاثين دينارا، لهذا فإن هناك شخصيات أردنية اقتصادية مرموقة و«ذوّاقة» تسافر خصيصا الى مطاعم معينة في أوروبا، إيطاليا وجنوب فرنسا وألمانيا، لتذوق صحن الكمأ الذي يبلغ سعر الصحن الصغير منه ما يقارب مائة يورو وأكثر، تماما كما يسافر الغربيون الى طوكيو لتناول طبق السوشي، وللعلم أنا أعرف «الكما»منذ كنت طفلا،ولم أسمع عن السوشي إلا قبل ثلاث سنوات.
اليوم بعد أن صافحنا موسم الصيف الأصفر ورحل ربيع بلادنا، تكون آخر حبات الكمأ الحمراء والسوداء قد نفذت من السوق المحصور، ولكن بقيت أطباق السوشي تتربع في مطاعم العاصمة عمان بأسعارها الرائعة، وبين السوشي والمنسف ننفق مئات الدنانير لإستضافة أنفسنا أو نستضيف أضيافنا على موائد الطعام، ولا نفكر في أن ندعو أنفسنا أو أصدقاءنا الى رحلة عبر بلادنا الأردنية للتعرف على مناطقنا السياحية التي تواجه أسوأ سنينها.
شخصيا أنا لا أفهم كثيرا بقطاع السياحة، بل أفهم بمبادئ الضيافة والإنفاق، ولكن عبر سنوات طويلة حاولنا تقديم المساعدة من خلال الخدمات الصحفية المجانية،وأؤكد على المجانية، لقطاع الترويج السياحي الداخلي، من خلال هيئة تنشيط السياحة، ابتداء من مديرها الأسبق أو الأول مروان خوري قبل سنوات طويلة حتى اليوم مع مديرها عبدالرزاق عربيات، حيث أصبحت اليوم المؤسسة الوحيدة التي تعنى بجلب أكبر عدد من الأفواج السياحية الأجنبية الى داخل الأردن وليس العكس.
المناسبة هي الاحتفال بيوم السياحة الأردنية،وقد أجرت الزميلة سيرين السيد مقابلة مع مدير عام هيئة تنشيط السياحة نشرت في عدد «الرأي» أمس السبت، وتحدث فيها عن الجهود التي يبذلونها للترويج السياحي عبر دول العالم،وتأتي المقابلة في حضرة فصل الصيف الذي من المتوقع أن يشهد ارتفاعا هائلاً في أعداد الزوار العرب وخصوصا الأشقاء من الخليج العربي، وفي المقابلة العديد من الإشارات المهمة التي يجب على القطاع الحكومي الإنتباه لها ودعم الجهود المبذولة لتذليل العقبات التي تعيق وصول الأفواج السياحية الى بلدنا الذي ضاقت جيوب مواطنيه، فأين دور القطاع الخاص ليقدم نصف الرغيف؟
حتى ندعم السياحة الوافدة والداخلية نحن بحاجة الى هدم كل تلك الحواجز الفولاذية الضريبية التي تفُرض على قطاع الفنادق والمنشآت السياحية ومنح حوافز لها لتمكينها من منافسة فنادق تركيا ومصر وغيرها، أولا، وثانيا يجب أن ندخل السياحة في مناهجنا مستقبلا، لتعريف الأطفال والنشء كيف نرتقي بتصرفاتنا وتعاملنا مع الآخر بشكل يعكس تحضرنا السياحي، لا أن يبقى السائح «صيدا ثمينا» ثم نبني الثقة في نفس المواطن أن يجعل سياحته الداخلية أهم من الخارجية عبر شركات رجال الأعمال الكبار.
كنت كما الجميع أظن أن ميشلان شركة تصنيع الإطارات الفرنسية العملاقة، ولكن اليوم وبعد 117 عاما يكون دليل ميشلان هو واحد من أكثر الأدلّة السياحية انتشارا حول العالم، فقد بدأ عام 1900 كدليل للسائقين لتعريفهم بالوجهات والطرق وأصبح اليوم لديه نجوم يمنحها للوجهات السياحية والفنادق والمطاعم حول العالم كل عام، ولديه مفتشون يتنقلون بسرية ليتناول كل مفتش 250 وجبة في المطاعم،ويباتون 150 ليلة في الفنادق،ويزورون 1000 مطعم أو فندق حول العالم، ويقدم كل مفتش منهم 1100 تقرير الى رئيس تحرير الدليل، ليتم منح النجوم الثلاث المعتمدة للترويج.
فهل من الممكن أن مفتشي ميشلان قد زاروا الأردن ونحن نائمون؟ فمتى نستيقظ لننقذ أهم قطاعات اقتصادنا.
الراي