مما لاشك فيه أن الاقتصاد الاردني أضحى بحاجة الى الريادة والابتكار لانتاج حلول غير تقليدية تعالج ما يعانيه من اختلالات هيكلية تلقي بظلاها على كل مناحي الحياة الاردنية سواء كانت تنموية أو اجتماعية أو سياسية، وبالتالي تؤثر على استقرار الوطن والمواطن على كافة المستويات.
وتأتي الرؤية الملكية الثاقبة بتأسيس صندوق استثمار سيادي كخطوة صحيحة في الاتجاه الصحيح لنبدأ مرحلة جديدة تقوم على مأسسة استقطاب الاستثمارات اجنبية و محلية وتوجيهها الى القطاعات الأكثر حيوية بالنسبة لنا وربحية بالنسبة للمستثمرين.
وبقدر تحمسنا جميعا لهذا الصندوق، الا أنني أرى انه من واجبي أن انبه الى أن بعض بنود قانونه قد يشوبها بعض التساؤلات التي قد تفتح مستقبلا بابا للتشكيك.
فمثلاً لا أرى أنه من المناسب ولا المقبول أن يتمتع هذا الصندوق بسيادة لا يتمتع بها صندوق آخر بنفس المكانة وهو صندوق استثمار الضمان الاجتماعي والمعني باستثمار أموال الضمان الاجتماعي وهي في نهاية المطاف أموال أكبر شريحة من أبناء الشعب الاردني على الاطلاق.
هذه السيادة التي قد تلقى الآن الكثير من التهكم الذي قد يتحول لاحقا الى حالة من توجيه اصابع الانتقاد والاتهام حالما يبدأ تنفيذ أول مشروعات هذا الصندوق.
وبعيداً عن قانون الصندوق فانني أرى أنه من الجدير بالاهتمام اليوم هو مأسسة عمله وادارة عملياته بقدرٍ كبيرٍ من الحرفية والحرص على تنويع مصادر الأموال التي تغذيه.
فمن غير المجدي قطعا أن يعتمد تمويله على عددٍ محدودٍ من المستثمرين، وان كان من المرحب به أن يبدأ باولئك الذين يثقون ثقة كبيرة بالفرص الاستثمارية المتاحة في الاردن وتربطنا بهم علاقات تتجاوز مفاهيم الربح والخسارة مثل المملكة العربية السعودية الشقيقة ودول الخليج العربي. الا أنه من الأجدى أن يتوفر له سياسة تسويقية وترويجية ناجعة تستهدف أن يصل الصندوق الى محافظ أكبر قدر ممكن من الدول والمؤسسات والشركات العالمية القادرة على الاستثمار، وذلك لكي يكون عصياً على مزاجية العلاقات وموسميتها.
كما لابد ان يترافق مع وجود هذا الصندوق مسح حقيقي وشامل لأبرز الفرص الاستثمارية في الاردن والتي لابد أن تصب في رؤية الاردن 2025 وبالتالي يصبح أداة تنموية تساندنا في تحقيق هذه الرؤية وتصبح رافداً حقيقياً للاقتصاد الاردني.
نسأل الله العلي القدير أن يوفق القائمين على هذا الصندوق للعمل على تحقيق الاستفادة العظمى لمصلحة هذا الوطن العزيز.