وجد خمسة شبان أردنيين إدعوا الإقدام على الانتحار تحت عنوان «البطالة» تعاطف كثيرين، حتى أن منابر وأقلام إعلامية وجدت في الحادثة منصة للقفز على الظروف الإقتصادية، والسياسات الإقتصادية والمعاناة التي تسببت بها لهم ولغيرهم من العاطلين عن العمل والفقراء.
هذه مفارقة عجيبة، يتحدى فيها شباب أردنيين البطالة بالإنتحار، بينما يواجهها العامل الوافد بإقتناص فرصة عمل وإثنتين وثلاثة، ولا عجب أن حوالات العمالة الوافدة تبلغ مليار دولار ولا غرابة أن يجد نحو 636٫2 الف عامل مصري في الأردن عملا وغلا ماذا يفعلون هنا ؟.
جرب شاب طموح أن يفتتح مطعما، وتلبية لشروط وزارة العمل. ذهب يبحث عن شبان من أبناء المنطقة ليعملوا فيه وأبدى إستعدادا لتدريبهم، ولما لم يجد ذهب الى الوجهاء فتمكن بعضهم من إقناع بعض الشبان بالتجربة، ولما قرر أحدهم أن يعمل في المطعم خان الأمانة فقرر صاحب المطعم الإستغناء عن خدماته، لكنه لم يتمكن بعدها من المرور عبر تلك القرية وهي طريقه الوحيد الى المنزل لأن أبناء المنطقة قرروا التضامن مع المفصول على طريقة إنصر أخاك ظالما أو مظلوما كما يحلو للبعض تفسيرها، فأضطر لأن يرسل الجهات طلبا للسماح وإعترافا بخطأ فصل خائن الأمانة !!..
الإحصائية عن الأردنيين المتعطلين تقول أن 179 الفا لكنها بالتأكيد ينقصها الدقة لانها تخص فقط غير المتعلمين اما المعلومات حول البطالة الفعلية فهي موجودة في ديوان الخدمة وفي المشهد أيضا مفارقة غريبة، الأردني في بلاد الغربة يقبل عملا لا يقبل به في بلده، بعيدا عن الأسباب المجتمعية في تفسير هذه الظاهرة التي تنقلها لنا مئات الروايات عن أردنيين عملوا في الغربة سواء في بلدان عربية أو في أوروبا وأميركا، ممن سجلوا قصص نجاح أعقبت كفاحا ومعاناة، بدأت بعامل في مطعم أو محطة محروقات وغيرها من المهن المرفوضة أردنيا، وإنتهت بتملك مطعم ومحطة محروقات، كما في القصص، يمكن مشاهدة هذه الظاهرة بأم العين، في مئات العمال الوافدين في المرافق والمشاريع وغيرها من المهن. لن نكرر الأسباب التقليدية للبطالة فهي معروفة ولن نكرر سرد الأسباب غير التقليدية، مثل ثقافة المجتمع والإستنكاف عن المهن ورفض التدريب وتفضيل مستويات مريحة في بيئة العمل، لكن يكفي أن نقول هنا أن مقدرة الإقتصاد على توليد فرص عمل عملية لم تعد مطلوبة حكوميا، بمعنى أن الأوان قد آن لتبديل أبواب الحكومة كمدخل للتوظيف، بأبواب القطاع الخاص.
احتفلت الجامعات الرسمية بقبول نحو 25 ألف طالب وطالبة ومثلهم سينضم الى الجامعات الخاصة، كل هذا التدفق وما تزال الجامعات الأردنية تدفع الى السوق بأكثر من 40 ألف خريج سنويا.
الراي