اسابيع قليلة ويدخل المواطن الاردني في مواجهة مع اسعارغذاء وطاقة متضخمة مردها غلو اسعار النفط ، وفي هذه المواجهة تتضاؤل الادوات وتكاد تغيب السياسات والاجراءات اللازمة للتخفيف من حدة ما يجري للمستهلك في السوق .
بعد نحو ثلاثة اسابيع سيبدأ شهر رمضان ، وتبدأ معه ماراثونات الغلاء الجديد الناجم عن زيادة الطلب لا سيما على المواد الغذائية ، فيما الاسعار الحالية في مستويات ليست مناسبة على الاطلاق لمعظم فئات المجتمع ، فسعر كيلو العدس يقارب سعر دجاجة بوزن كيلو ونصف الكيلو ، وفي المقابل يرتفع سعر لتر الكاز فوق سعر البنزين وكلاهما مرتفع ايضا .
قبل رمضان وبعد اسبوعين ، سيكون ارباب الاسر على موعد مع تكاليف واعباء مالية جديدة تمثل تجهيزات طلبة المدارس للسنة الدراسية وهي تكاليف باهظة تشمل الالبسة والحقائب وشراء مستلزمات العملية الدراسية ، ويتزامن معها بعد وقت قريب استعدادات بعض الأسر للموسم الجامعي الجديد وما يرتبط به من نفقات تعليم ورسوم واموال لا يتوفر منها الكثير حاليا ، وبعد شهر رمضان مباشرة ، سيكون العيد ايضا موعدا لانفاق لا قوى للعائلات عليه ، فيما يتبعه فصل الشتاء لتبدأ قصة جديدة في التكيف مع اسعار المحروقات الملتهبة ومحاولة تيسير الامور بحدودها الدنيا .
في اللحظة الراهنة تنشغل الحكومة باعداد موازنة 2009 ، و لا يلوح في الافق اجراءات استثنائية من قبل الحكومة للتخفيف من حدة الاسعار او محاولة تسهيل مهمة التكيف الصعبة للاسابيع المقبلة ، ولم يجر بعد الحسم بشأن الية دعم الكاز للشرائح الفقيرة ومحدودي الدخل ، كما لا تعتزم الحكومة اعادة النظر بالرواتب او زيادة من يقل راتبه عن 300 دينار ، وعليه فأن معدل التضخم قد يرتفع فوق 15 % تبعا لما هو متوقع له هذا العام وفقا للتقديرات غير الرسمية .
تراكم الشقاء المتوقع بالنسبة لارباب الاسر خلال الاسابيع المقبلة يستوجب اتخاذ اجراءات غير عادية لمواجهة ازمات الغلاء في شهر الصيام ومن بعده الشتاء ، والا فأن الجانب الاجتماعي وقبله الاقتصادي سيتعرضان لسلسة ضربات متتابعة قد ينحى بعدها الوضع الاجتماعي والاقتصادي الى مجاهيل ليست محمودة ، وقد يلجأ المواطن الى الانفاق على فاتورة المحروقات بما يتخطى نصف دخله الشهري ، وهو ما يجيء على حساب صحة افراد العائلة وغذائهم وتعليمهم بعد ان انعدمت الرفاهية عموما بالنسبة لشرائح واسعة من الاردنيين .
وزير الطاقة والثروة المعدنية توقع ان تبلغ فاتورة النفط لهذا العام 3 بلايين دينار فيما يرى متشائمون ان تلك الفاتورة قد تصل الى 4 بلايين دينار ، وتتفاوت تقديرات الخبراء بين متفائل يتوقع ان ينخفض سعر النفط الى حدود (70 – 80 ) دولار للبرميل ومتشائم يرى ان الاسعار سترتفع فوق 150 بحلول نهاية العام الجاري فيما الاسعار حاليا في منطقة متوسطة بين تلك التوقعات ، وثمة من يتطرف اكثر ويذهب الى سعر برميل النفط قد يتخطى 250 دولارا مع بداية العام المقبل ، في الوقت الذي ذهب فيه خبراء عرب الى ان سعر برميل النفط سيصل الى 200 دولار بحلول العام 2010 ، وسيلتهب الى مستوى الف دولار للبرميل الواحد في حال هوجمت ايران عسكريا .
تحدثت الحكومة في وقت سابق عن كبح جماح التضخم ولم تفلح ، كما انها لم تفلح ايضا في تقدير معدل التضخم نفسه ، ففي الوقت الذي اورد وزير المالية توقعا للتضخم بنسبة 8 % او 9 % للعام الحالي ، هو الان فوق 14 % ومرشح للارتفاع اكثر مع قسوة الاسابيع المقبلة ، ولا ينفع امام هذا كله الاكتفاء بالتفرج على مشهد اقتصادي واجتماعي وربما امني ليس جميلا كيفما نظرت اليه . عن الغد.