facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




اللغة العربية هل شاخت فعلا؟


13-05-2016 12:18 PM

قبل أيام، كنت بجوار ابني وهو يعد "واجبه" المدرسي في موضوع اللغة العربية. وقد أدهشني غنى المنهاج وسلاسة الطريقة وكيفية تفاعل الطالب معها. لم أكن أعرف أن بإمكان الطالب في الأول الابتدائي استخراج القضايا النحوية والإملائية وهو يتعلم حرف "الصاد".

الطريقة التي يتعلم بها طلبة الصفوف الأولى اللغة العربية، تستخدم الموسيقى واللحن، ويقطعون الكلمات على نغمات تصفيقهم، فيكتسبون مهارات وقواعد وأدوات في سن مبكرة. لا أذكر أني مررت بتجربة مشابهة طوال سنوات الرحلة التعليمية التي بدأت في قرى جنوب الأردن وانتهت في مدن جنوب كاليفورنيا.

تصميم محتوى منهاج اللغة العربية، والأساليب المستخدمة في تفاعل الطالب مع المضمون، يكسبان الصغار مهارات استخدام قواعد اللغة في القراءة والفهم والتركيب والتحليل، ولاحقا في النقد والتقويم. الأطفال الذين يميزون بين حرفي "السين" و"الصاد" في الكلمات والجُمل، ويستخدمون قواعد علم العروض، ويعرفون قواعد التسكين والتنوين والرفع من دون عناء، قبل أن ينهوا عامهم الدراسي الأول، هم أشخاص يملكون استعدادات واضحة لحمل رسالة النهوض باللغة وتقديم جمالياتها. على الزاوية الشمالية الغربية للجامعة الأردنية، بجانب المركز الثقافي الإسلامي التابع لها، يقع مبنى مجمع اللغة العربية الأردني الذي تأسس منذ عقود، بهدف نشر اللغة وإحياء استخدامها في مؤسسات التعليم، وحمايتها من التشويه والمخاطر التي تهدد سلامتها.

وفي حديث مع بعض الأساتذة وعلماء اللغة الذين يحملون رسالة المجمع، ويسعون إلى توفير شروط تحقيقها، تبين أن حجم المنشور باللغة العربية عبر وسائل التواصل وتكنولوجيا المعلومات، لا يتجاوز 1 % مما ينشر في اللغات الحية الأخرى؛ كما أنها تعاني من صعوبات الترجمة والانفتاح على اللغات الأخرى.

في اللغة العربية ما يزيد على 60 ألف مفردة، تصل جذور بعض مفرداتها إلى ما يزيد على خمسين جذرا. مع ذلك، فإن لغتنا اليوم تتعرض لكل أشكال التعدي والتحريف والاندثار، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه مفردات بعض اللغات العالمية بضعة آلاف مفردة، لكننا نجدها وقد أصبحت أوسع انتشارا وأكثر تأثيرا.

الكثير من الانتشار والتأثير اللذين تحظى بهما اللغات الأخرى مرتبط بالدور الحضاري للأمم الناطقة بها. فقد أدخل الكوريون واليابانيون إلى اللغات العالمية أسماء منتجاتهم التي أغرقت الأسواق، لتصبح مكونا من مكونات لغات الأمم التي أقبلت على استخدام هذه المنتجات. ففي معظم المجتمعات واللغات، أضحت لفظة "سامسونج" و"كيا" و"هونداي" و"دايو" و"توشيبا" و"تويوتا"... مفردات أكثر شيوعا من المفردات التي
انتجتها اللغة الأم في بلاد العرب، وحتى في أوروبا وأميركا اللاتينية.

في الأردن اليوم، يتباهى صغار وكبار في إظهار مواهبهم في اللغات الأخرى، ولا يفرق كثير من طلبة الجامعات بين مجمع اللغة العربية والمجمعات المحيطة بالجامعة. فلكل منها مسميات لا يبذل الناس وقتا في الالتفات إليها، كما لمهامها وأهدافها. والمهمة التي ينهض بها مجمع اللغة العربية تتجاوز حصر المفردات وتصنيف المستخدم والمتنحي منها، أو حتى نشر وتشجيع استخدامها في التعليم والإعلام والتواصل. المهمة ترتبط بإظهار جماليات اللغة العربية، وتجويد أساليب تقديمها للأجيال، والبحث في سبل جعلها أكثر مرونة وأسهل استخداما وقدرة على أن تكون أداتنا الأهم في التفكير والتعبير والإنتاج العصري والتواصل.

من الصعب أن تبقى اللغة العربية إطارا غريبا من القوالب اللغوية البعيدة عن التجربة المعاشة، يجري العودة إليها للتحقق من مطابقة منتجاتنا الفكرية وإبداعاتنا لقواعدها. اللغة القابلة للتطور والحياة هي اللغة التي تعبر عن تجربة الإنسان المعاشة، يتعلمها الفرد ويألفها، ويستمتع بجرسها وصورها ومعانيها.

الغد





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :