البطانة لماذا تحارب الرفاعي!
ادم درويش
11-05-2016 05:17 PM
جريدة المجد لرئيس تحريرها الاستاذ فهد الريماوي نشرت خبرا جديدا حول سلوك بعض بطانة الملك وانشغالهم بالحسابات الشخصية وبتصفية الخلافات مع منافسيهم، ويقول الخبر ان مدير مكتب جلالة الملك وزير التخطيط السابق في اكثر من حكومة السيد جعفر حسان هو الذي يقود محاولات ابعاد رئيس الوزراء السابق سمير الرفاعي عن العودة الى الدوار الرابع وهو الذي يدعم اسما آخرا ليس محبة به ولكن كراهية بسمير.
لو ان هذا الخبر نشرته صحيفة أخرى ربما لما كنت قد وقفت عنده، ولكن جريدة المجد المعروفة بابتعادها عن المناكفات السياسية وعن الصالونات والمحسوبيات هي التي نشرت الخبر الذي يدل على وجود خلل كبير بالبطانة وبمفهوم ودور البطانة حول جلالة الملك، فأن يكون التنافس لحسابات شخصية وللحب والكره والمصالح وليس لاعتبارات وطنية وللإخلاص للملك فهذا أمر خطير وخطير جدا، ويحعلنا نخشى ان اختيار الشخصية المناسبة والقادرة على قيادة السلطة التنفيذية في المرحلة القادمة لن يرتبط باعتبارات البرامج والاتجاهات لدى رجال الدولة ولكن باعتبارات شخصية، ولأن السيد جعفر حسان يخاف من وصول سمير الرفاعي لرئاسة الحكومة بأن يفقد سيطرته غير الدستورية على الدوار الرابع لأنه يعرف أن الرفاعي رئيس قوي ولا يقبل بأن يتخذ القرار نيابة عنه شخص غير مسؤول أمام البرلمان والشعب.. فهل هذا السبب الشخصي يكفي لتحديد مستقبل الأردن في أخطر مرحلة اقتصادية.. وأنا من الذين تابعوا جولات الرفاعي ولقاءاته ومحاضراته واستمعنا الى برنامجه الاقتصادي لحل مشكلة البطالة وكلنا لاحظنا أنه السياسي الوحيد الذي يمتلك برنامج لحل مشكلة البطالة وتشغيل أبناءنا العاطلين عن العمل بعد أن فقدوا "فسحة الأمل"، وشاهدنا محاولة انتحار جماعية لعدد منهم بسبب عدم تمكنهم من الحصول على فرصة عمل ولا أعتقد أن هذا الخبر يحرك هذه البطانة بمقدار ما يحركها كرهها وخوفها من رئيس قوي يحمل برنامجه وهم لا يحملون برنامجهم للحل.
النتيجة التي أرغب أن اصل اليها هنا، هي ان هذا ليس هو واجب بطانة الملك وهذا حنث بيمين الاخلاص للملك وخدمة الأمة والحفاظ على الدستور، فالبطانة الصادقة هي التي تصدق الملك النصيحة وتبحث عن الخيارات القادرة على تنفيذ توجيهات الملك وحمل برنامجه، وواجب هذه البطانة أن تقييم اداء المسؤولين ومن الذين منهم يلتصقون بالشعب ويزورون المحافظات ويلتقون مع الشباب ويدخلون في مناقشات عميقة ويطرحون الخيارات وينمون الروح المتفائلة ومن هم المسؤولين الذين يعيشون داخل مكاتبهم وصالوناتهم معزولين كليا عن الأردن والاردنيين ولا يعرفون الا عمان الغربية ومطاعمها وفنادقها الفاخرة... وواجب البطانة ان تحافظ على الدستور بأن لا تتدخل في عمل الحكومة ولا تتلاعب بالرؤساء والوزراء...
للاسف فان الخبر الذي نشرته المجد يخبرنا وراء النص أن البطانة الذين يجب أن يكونوا الأصدق مع الملك مستائين من المواقف التي اتخذها الرفاعي، فهو الذي تحدث عن الاقتصاد والبطالة وطرح برنامج عملي للحل ركز فيه على دور الشباب وتحصين هذا القطاع الكبير بالوعي وبفرص العمل والتدريب وبالمشاركة السياسية والثقافية، وهو الذي تحدث عن أزمة اللاجئين السوريين في بدياتها وحذر الحكومات من الاستمرار بفتح الابواب وتأثيرات ازمة اللاجئين على المحافظات الأردنية وفرص عمل الشباب وهو الذي تحدث عن حاجتنا لفتح علاقات مع الجميع. كما كان له موقف واضح على ازدواج الجنسية وشرحه بوضوح في مقابلات صحفية وبمقالات مكتوبة، وتحدث وأخذ موقف على هذا الأساس.
ان محاولات البعض من بطانة الملك ابعاد سمير الرفاعي عن طريق العودة الى الدوار الرابع تأتي أيضاً من استيائهم من وجود "كيمياء" استثنائية بين الرفاعي وجلالة الملك وانسجام عالي في طريقة التفكير, الأمر الذي يجعلهم يشعرون بالتهديد وبكونهم يمكن الإستغناء عنهم. ان الرفاعي يفهم جيداً جلالة الملك ويعمل جاداً لينفذ رسالة جلالته بأن على جميع المسؤولين أن ينزلوا على الميدان. وهو الوحيد الذي يفعل ذلك ولذلك فقد أضحى الرفاعي مقبول جداً شعبيا في سائر أنحاء المملكة.
فهل ذنب الرفاعي أنه اتخذ موقفا وبعيدا عن الشخصنة، وصفوه بأنه "قاسي" على قانون الشراكة وقانون الاستثمار وتنمية المحافظات والضريبة.. وكل البطانة الموجودة الان جزء من هذه القرارات ومن السياسات التي اوصلتنا الى هذه النتيجة..
أم أنهم فقط لا يريدون رئيسا قويا لديه برنامج ومسؤول أمام الشعب والبرلمان، ويريدون رئيسا يرسمون له السياسات ويتخذون نيابة عنه القرارات ولا يمتلك الإرادة لإبداء الرأي؟
للاسف، وعلى خلفية كل هذا، فلا أعتقد أن أي واحد منا سيكون بامكانه أن يلوم الرفاعي لتمسكه في كل محاضراته وتصريحاته بالابتعاد عن مثل هذا التنافس الخاضع للشخصنة والمصالح التي تتحكم بالبطانة، وهو وبحسب المحاضرات التي ألقاها يؤكد بأنه سيخدم الشعب وسيبقى جنديا مخلصا من جنود الملك ومع هذا فإنه لن يكون جزء من التغييرات المستقبلية وسيرفض الدخول في مثل هذه الألاعيب والدهاليز أو أن يكون جزءاً منها.