هل أدخلت حكومة النسور الأردنيين في نفق الانتحار الجماعي؟
11-05-2016 03:18 PM
تستدعي حادثة اليوم، الأربعاء، والمتمثلة بمحاولة خمسة شباب الانتحار جماعياً قرب دوار الداخلية، الوقوف والتوقف طويلاً..
يقول الشباب إن محاولتهم هذه بسبب معاناتهم من البطالة وبحثهم الطويل عن وظيفة لم يجدوها.
هي رسالة، أراد مرسلوها إيصالها، بغض النظر عن تنفيذ الانتحار من عدمه، إلى صاحب القرار، وإلى كل المعنيين في هذ الوطن، مفادها أن هناك "شباباً" يعاني وأن هذه المعاناة وصلت درجة خطيرة بتفضيل الموت على الحياة.
كل صباح ومساء، نتحدث عن الارهاب والتطرف، ونترك أهم مكامنه ومسبباته، فأليس الجوع بكافر، ولو كان رجلا لقتلته..
صحيح أننا شهدنا سابقاً محاولات انتحار ولكنها كانت فردية، أما أن يجمع خمسة أشخاص على الانتحار دفعة واحدة فهذا أمر يستحق التفاتة أعمق لوضع ينذر بأكبر من ذلك..
صحيح أيضاً أن البطالة احد اهم مشكلات الاردن الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، وهي مشكلة مزمنة رغم اي احتفاء حكومي بانخفاض معدلها المعلن والذي يدور حول 13% او التغاضي عن اي ارتفاع يطال هذا المعدل، فمعدلها وعلى امتداد ما يقارب العقدين من الزمن ظل يدور حول الرقم الحكومي المشار اليه دون ان يتأثر بشكل ملموس بحالة النمو أو الرواج الاقتصادي، الذي وصل بالمعدل وعلى امتداد سنوات لحوالي 6%، أو بحالة التراجع والركود الاقتصادي الذي بلغ معدله في السنوات الاخيرة حوالي 2.5% مما يعني ان مشكلة البطالة في الاردن محايدة فيما يبدو عن النشاط الاقتصادي العام وهذا هو مكمن خطورتها.
الواقع يقول إن السياسات الحكومية اقترنت بمستويات منخفضة من العناية المؤسسية بايجاد فرص عمل على صعيد الاقتصاد، وذلك بسبب اعتبار دور الحكومة منصباً على ادارة عجز الموازنة، عوض الاهتمام بادارة العملية الاقتصادية والاجتماعية، لينتج دائماً عجز إضافي في السياسات وفي مخرجاتها حيث كانت البطالة وما زالت احد أهم تجلياتها.
هنا نحن نتحدث عما يزيد على 190 ألف متعطل عن العمل تشير اليهم او تحصيهم الاحصاءات الرسمية، يضاف اليهم المتقاعدون مبكراً والذين قارب عددهم 75 ألف متقاعد، وكان بعضهم ضحية ما سمي بالخصخصة، أو الهيكلة، أو تقاعد وسافر للخارج ليحصل على راتبين، او لانه لم يعد مرغوبا به في العمل، أو لان الانظمة المعمول بها لا تتحرى عن اسباب تقاعد هؤلاء لوضع حلول وضوابط تمنع أو تقلل من لجوئهم للتقاعد، الذي يدفع بعضهم اليه دفعا تحت سمع وبصر السلطات الرسميّة.
لا نأتي بجديد إن قلنا إن الجميع يعيش مفاعيل البطالة وآثارها الاجتماعيّة والاخلاقيّة والامنيّة، وما الهجرة الا احد اهم تجلياتها، وهذه جميعها تشكل استنزافا لوطن يحاول الخروج من ازماته بحلول ما زالت قاصرة، فهي اما انها تأتي كردود فعل، او تفتقد الى الريادية في التفكير والتنفيذ، والتراكمية في المتابعة، واللف والدوران حول المشكلة دون الدخول في صلب اسبابها وتداعياتها؛ وابتكار الحلول الجديدة غير المكررة للتعامل معها.
على مقاعد الدراسة الجامعية اليوم ما يقارب 350 الف طالب سيتخرجون تباعا، فكيف يمكن لاقتصاد سينمو في هذه السنة والسنوات اللاحقة – إن بقيت الظروف الاقليمية والعالمية بنفس انضباطها الحالي–بحدود 3.5% اي بنسبة قريبة من معدل النمو السكاني؛ أن ينتج فرص عمل حقيقية وليست احلالية بدائية؟ ناهيك عن الشباب الذين يصلون تباعا الى سوق العمل، ما هي افاق الحل المجتمعي للبطالة بعد خمس سنوات عندما يتقدم سنويا لامتحان الثانوية العامة ما يقارب 200 الف طالب وطالبة؟ هل سيواجه هؤلاء الطلبة كما سابقوهم بتهمة عدم اتساق تخصصاتهم الجامعية مع المعلومات عن فرص العمل المستقبلية؟ وكأنهم من يقرر نوع التخصصات وبالتالي المعلومات عن احتياجات سوق العمل؟
الحكومة الحاليّة برئاسة عبدالله النسور لا تمتلك برامج أو أدوات قادرة على معالجة اهم قضية تشغل الأردنييّن كافة، والذين لا يخلو منزل أحدهم من متعطل عن العمل، وهي (الحكومة) تجلس في الدوار الرابع وتفكر فقط بفرض ضرائب على مواطن خرمت جيوبه، ولم يعد قادراً إلا على الدعاء عليها.
آن لهذه الحكومة أن ترحل وأن تبدأ أخرى بترميم ما أحدثته من "خوازيق" أدمت الأردنييّن، وجعلت أصواتهم غاضبةً على الوطن ومسؤوليه، ولا استثني أحداً..