كان أمراً طبيعياً ان نسمع في مواسم الانتخابات النيابية الماضية عن خبر او تسريبات او تحليلات تتحدث عن حوارات سرية بين جهات رسمية والاخوان المسلمين، وكنا نقرأ عن صفقات او تفاهمات ربما لاتكون موجودة لكن الجماعة كانت تحب هذا لانه يجعلها تشعر بالدلال السياسي، ويخاطب غرورها بأنها الاقوى، وان الدولة تتعامل معها بمنطق مختلف.
اليوم ربما يكون الأمر مختلفا، لكن البعض يحب ان يتحدث عن حوار او ربما تفاوض بين جهات رسمية والجماعة غير المرخصة، وسمعنا نفيا من الحكومة بأنه لا حوار مع الاخوان، وحتى لو لم تتحدث الحكومة فان المنطق هو الذي يؤكد انه ليس هناك طرف له مصلحة او معني بمشاركة الجماعة غير المرخصة في الانتخابات القادمة الا نفس الجماعة، وان عملية الانتظار لاجتماع مجلس الشورى الذي يناقش المشاركة لم تعد قائمة، فمن يحتاج الى المشاركة فقط هي الجماعة غير المرخصة التي تعاني من اوضاع داخلية صعبة وايضا تواجه السؤال القانوني الذي ربما تجد له حلا بخوض الانتخابات تحت راية حزب جبهة العمل الاسلامي، لكن هذا سيعني عمليا التسليم بأن اسم الجماعة لم يعد يعني الجماعة غير المرخصة قانونيا.
الجماعة غير المرخصة تحتاج الى المشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، وهي الجهة الوحيدة التي تحتاج الى المشاركة لكنها تريد ان تشارك باخراج سياسي يذكرها بالوضع السابق الذي لم يعد موجودا، تريد اي لقاء مع جهة رسمية حتى يظهر الأمر وكانه حوار او تفاوض، او تريد حتى لقاءات مع مسؤولين سابقين او شخصيات مقربة من الجهات الرسمية حتى يظهر الأمر وكأنه وساطات او عروض تقدم للجماعة لاقناعها بالمشاركة، تريد اي "حكاية" سياسية تظهر تواصلاً مهما كان محدودا مع جهات رسمية، فهذا يؤمن لها اخراجا سياسيا واعلاميا لقرارها الذي تحتاجه، وايضا لتقول للجماعة المرخصة ان الدولة لايمكنها تجاهل العلاقة القديمة مع الجماعة غير المرخصة.
الجماعة غير المرخصة تحتاج المشاركة، وربما يفكر بعض قادتها بأن اعلان قرار المشاركة قد يحسن الاجواء مع الدولة، وقد يدفع اصحاب هذا الراي باتجاه اعلان مبكر بالمشاركة، لكن بعض القيادات مازالوا يعيشون في اجواء تاريخ العلاقة وليس واقعها، كما انهم يدركون ان القواعد التي تمارس فكر المقاطعة والتوتر مع الدولة منذ عام 1997 ليس من السهل ان تتعامل بفكر المشاركة والتصالح.
ولعل الجهة التي ستدفع بشدة للمشاركة في الانتخابات القادمة هي قيادة حماس في الخارج التي تملك جزءا كبيرا من مقاليد السلطة في ادارة الجماعة غير المرخصة، فحماس تريد ان يكون تنظيم الاردن صاحب حضور في مؤسسات الدولة، وايضا تريد ارسال رسالة ايجابية للدولة بأنها تعزز تيار المشاركة، وحتى في انتخابات ماضية مثل انتخابات 2010 فان حماس دعت للمشاركة وكان مجلس الشورى ذاهب للمشاركة لكن خصوم تيار حماس في المجلس شحنوا اجواء الجلسة ضد المشاركة ليس رغبة في المشاركة بل لافقاد حماس نفوذا اضافيا في الساحة الاردنية وداخل الجماعة.
الجماعة تبحث عن طريقة لتعلن مشاركتها، وتريد اي لقاء مع اي طرف رسمي او شبه رسمي، بل حتى عن نصيحة بالمشاركة تستند اليها، لانها هي الطرف الوحيد الذي يريد المشاركة وله مصلحة بها.