هل نشهد عودة قسرية لمغتربين اردنيين هذا الصيف؟
عبد الله بني عيسى
08-05-2016 07:24 PM
بات من المؤكد ان تسجل دول الخليج معدلات نمو اقل من العام الماضي 2015 بنحو لافت، وتترواح وفقا لصندوق النقد الدولي بين 1 و2.5 في المائة، مع توقعات بانخفاض عائدات النفط بنحو 100 مليار درهم، الامر الذي سيدفع بعض هذه الدول الى الاقتراض من أجل سد العجز في موازناتها.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لنا في الأردن؟ لن اتحدث هنا عن التأثيرات المتوقعة على حجم المساعدات المالية المباشرة وغير المباشرة للاردن، فقد تناولتها في مقال سابق. لكني سأقصر الحديث عن احتمال تأثر العمالة الأردنية والمغتربين الاردنيين بهذه الظروف.
ومعلوم أن حوالات المغتربين الاردنيين نمت العام الماضي بنحو 1.5 في المائة، إلى 3.8 مليار دولار، وهذه الحوالات تشكل أحد أهم التدفقات المالية الخارجية للأردن، وتفوق في قيمتها أحيانا قيمة الاستثمارات المباشرة والمساعدات الخارجية.
لا يمكن الجزم بأن هذا المستوى من الحوالات سيستمر هذا العام، لاكثر من سبب، في مقدمتها أننا قد نشهد وللاسف الشديد عودة قسرية لشريحة من الاردنيين من دول الخليج، لا يمكن توقع حجمها على نحو دقيق، لكني لا استبعد عودة بضعة الاف من الاردنيين، خصوصا الذين يعملون في قطاعي المقاولات والانشاءات. وذلك مع اضطرار دول خليجية إلى اعادة النظر في نفقاتها الرأسمالية، التي تتجه في جزء كبير منها الى البنية التحتية.
ويمكن الإشارة هنا إلى أن مجموعة بن لادن السعودية العملاقة استغنت عن نحو 70 الفا من العاملين لديها نيسان الماضي.
صحيح ان المجموعة عانت على نحو خاص من ايقاف الحكومة السعودية التعامل معها اثر حادث رافعة الحرم العام الماضي، غير ان هذا العدد من المسرحين يعطي مؤشرا على حجم الاثر الذي يمكن ان يتركه توقف المشاريع على العمالة. وبالمناسبة فإن مجموعة بن لادن تضم عددا كبيرا من الاردنيين مهندسين واداريين وماليين.
في المحصلة ستتأثر شريحة من المغتربين الاردنيين في دول الخليج، خصوصا السعودية، نأمل ألا تكون كبيرة بهذه الظروف، وستظهر معطيات هذا الامر بشكل أوضح مع انتهاء العام الدراسي الحالي منتصف حزيران المقبل.
وبعيدا عن لغة الأرقام، فإن العودة القسرية للمغترب، خصوصا اذا كانت أسرته تقيم معه، تلحق به أذى بالغ، وتعرضه لارباك شديد وصغوطات مالية ومعيشية كبيرة. لكن يمكن للحكومة ان تساهم في التخفيف من وطأتها عبر إجراءات بسيطة، بينها: السماح له بإدخال مركبته واعفائه من رسوم جمركها، فضلا عن منحه اعفاءات تتعلق برسوم تسجيل منزل اذا كانت اموره المالية تسعفه لشراء شقة، او مساعدته في إقامة مشروع يدر عليه وعلى اسرته دخلا مناسبا يقيه شر الانقلاب الشامل في مستوى معيشته حيث يمكن ايضا اعفاؤه من رسوم التسجيل وغيرها.
ثمة أردنيين، وهذا قد لا يعلمه الكثيرون، حين يتعثرون في وظائفهم واعمالهم في دول الخليج، يفضلون البقاء فيها مخالفين هائمين على وجوههم ويمدون ايديهم للجمعيات الخيرية، على العودة إلى الاردن لعلمهم بأن الافاق في بلدهم للعيش مستقرين مسدودة تماما. هؤلاء مثلا لا احد يفكر فيهم، ولم اسمع عن جهد قامت به وزارة "المغتربين" لمساعدتهم ولو معنويا على تجاوز ظروفهم، فحبذا لو فكرت الحكومة بهم قليلا.