تحدث إلينا يوم كنا في مجلس الأعيان وزير داخلية أسبق عن "هيبة الدولة" !! وأن الوزارة قد وضعت خطة متكاملة في هذا الشأن.
لقد استبشرنا خيراً يومها لكننا نفاجأ بعد مضي سنوات أن الموضوع ليس كما نظن ، فأعمال البلطجة لا تزال مستمرة وبنبرة التحدي العالي.
وأنا هنا لا أتحدث عن هيبة الدولة تجاه المسيرات والاعتصامات بل أتحدث عن الهيبة تجاه الزعران وحملة الأمواس وأصحاب الوشم واحتلال الشوارع والشتم للمارة والاعتداء على مقابر بانتهاك حرمتها مما يشكل اعتداء علينا حيث لم تعد هناك حرمة لحي ولا لميت.
أنا لا أبالغ ولا أدعي بل أذكر ما جرى معي دون زيادة ولا تهويل : قبل يومين كنت أسير بسيارتي ومعي عائلتي فتوقفت لوجود سيارة متوقفة في وسط الشارع فانتظرت ولم يتحرك لأنه مشغول بالحديث مع شخص يقف في الشارع، فاستخدمت الزامور لتنبيهه وإذ بالذي يحدثه أي الواقف في الشارع يصرخ ويشتم فلما اقتربت منه فقلت لمن توجه كلامك فقال: لك!
فكرت بالنزول من سيارتي لكنني عرفت من طريقة حديثه أنه سكران وفي وجهه دلائل على أنه من زعران البلد فتابعت سيري وتركته!
هذا مثال نراه يومياً في العاصمة وغيرها ممن يقفون بسياراتهم ويغلقون الطريق في تحد واضح لمن خلفهم واذا كلمته أو احتججت عليه يبادرك بالقول (مش عاجبك!).
وقبل بضعة أشهر كنت أركب بسيارة قريب لي باتجاه مادبا "عبر مرج الحمام / البحر الميت" وإذ بعدد من سائقي الدراجات الضخمة من لابسي الجلود السوداء والوشم يملأ عضلاتهم المفتولة مع نظارات سوداء فخمة وشعر طويل وسلاسل ذهبية في رقابهم وقد سدوا مسارب الطريق يمنعون السيارات من تجاوزهم !! زمر لهم من كنت أركب معه فلم يلتفتوا فكرر الزامور فأشار له قائدهم إشارة تقول: إذا أردت المرور فاقفز من فوقنا! وكاد يقع محظور الصدام بيننا ولم يمنع ذلك من الشتائم بين الطرفين.
ومن منا لم يخرج لسيارته التي أوقفها في مكان صحيح ليجدها محاصرة من سيارة أخرى وحينما يشرف صاحب السيارة المخالفة وتعاتبه يقول لك طول بالك ! على إيش مستعجل !! فيتحول الى واعظ لك عن الصبر والتأني.
قبل أيام كنا في جاهة وإذ بشباب يطلقون النار بالرغم من أن ملك البلاد قال : حتى لو كان ابني فأوقفوه ؟! ولم يتم ايقاف أحد بل ربما كان مطلق النار من المرتبات العسكرية أو الأمنية أو يحتمي بمتنفذين!
وفي يوم مررت بجانب مقبرة مع الغروب وإذ بشباب يتسورون سور المقبرة يرفع بعضهم بعضاً ويتناولون أغراضاً لهم ومنها وعاء فيه جمر! اتصلت مباشرة بالمحافظ ونقلت له ما رأيت وإذ به يقول: يا دكتور ماذا نفعل بهم! هؤلاء سهيرة الليل يدخلون المقابر للسكر وشرب الأرجيلة وربما شيء آخر!! فقلت بغضب : أنهان أحياءً وأمواتاً؟؟! إن لم تدافعوا عن أمواتنا فسوف نقوم نحن بذلك.
هذه بعض الصور وغيرها كثير وكان آخر ما رأيت سيارة نجدة تقف في خط مزدوج تريد الانعطاف يساراً وتعطل السير الذي خلفها !! . اذا كنا حريصين على دولة القانون فلنحقق الهيبة القانونية ولنوقف هذه المظاهر التي يقول لسان حالها : نحن أحرار فلا دولة ولا قانون ومن لا يعجبه فليشرب البحر أو يبلطه .