ضــاقــت عليـنــا وحــدنــاعمر كلاب
08-05-2016 03:09 AM
لا أحسب مدينة تضيق بأبنائها كما عمان , التي نخلو اليها وتخلو الينا ليلة الاجازات الطويلة , نسامرها وتسامرنا نبوح لها بما تبقى من وجد وما يعتمل في الصدور من ضيق , بعد ان باتت مدينة مُتهمة بأنها تأخذ كل باطن الخير وتترك للناس الزبد , فالجميع لا يعترف بنا , فثمة سؤال يلي اجابة اي عماني بعد ان يقول انه من عمان , فرغم كل الاتهامات لها الا ان ابناء عمان غير معترف بشهادة منشأهم العمّانية بدليل السؤال التالي “ يعني من وين “ , فهل فقد ابناء عمان شهادات ميلادهم ام ان المدينة مجهولة النسب هي وابناؤها , فكل خميس تضيق الشوارع بالخارجين منها وكما كل انتخابات ايضا , ومع ذلك لا ابناء للمدينة رغم كل الصخب والمباني والعائلات . عمان كما كل العواصم تفتقر الى البناء العشائري او القبائلي ولذلك قلت العوائل او العائلات , فحتى عشائرها الكريمة يتم تعريفهم بمحافظة كريمة قريبة “ بلقاوية عمان “ , والاحياء منسوبة الى اسماء مكانية وليس الى كنايات عائلية او القاب منحتها العشيرة للمكان مثل المرج والتلعة والخندق او غيرها من اسماء , عمان تعرف بجبالها وان انتسبت اماكنها الى تجمعات سكانية فهي تنتسب الى ابناء المحافظات القاطنين بها “ حي الطفايلة او حي المعانية “ ولا مكان في المدينة يحمل اسم شركسها او شوامها او شيشانها او فلسطينييها بل يكتفي التعريف بالدلالة المكانية مع اشارة الى ان القلعة للشركس وشارع خرفان للشوام والمخيمات وباقي الاحياء لمن جاء من غربي النهر . حتى اللحظة لا تجد عمان اعترافا بوجود ابناء لها لدى المجتمع الكبير , فكل عمّاني مطعون في نسبه للمدينة ولا صوت ينادي بضرورة تثبيت النسب وإن تجرأ احد على ذلك فالنقد جاهز والهجوم اكثر سرعة من هجوم المارينز , نسيتم ذلك او تلك ونسيتم هذا التجمع او ذاك , كل عمّاني مطعون في شرعية نسبه الى المدينة التي منحت كل اسرارها للقادمين اليها ولم تحفظ بعض اسرارها للابناء , حتى مفرداتها اللغوية التي كادت ان تطغى في عقود سابقة جرى تقزيمها وادانتها بوصفها لغة طرية تقلب القاف الى الف وصار الاهل ينظرون الى الابناء بقسوة اذا قلب الابناء ذلك وتحديدا الذكور وصار اللهجة العمّانية مدانة بأنها “ تُلوِق اللسان “ او سرعان ما تهتز الرؤوس ضاحكة “ مثل عيال عمان “ فهرب ابناء المدينة الى الخشونة في اللغة واللهجة . هل تعاتبنا المدينة ام نعاتب انفسنا ام نعاتبها , فلم نحفظ للمدينة بهاء سابقها الثقافي والحضاري وانقلبنا الى تجار اراض سرعان ما نبيع ونشتري بقصد التجارة وحتى بيوتها القديمة صارت مطاعم للباحثين عن الثراء عبر استثمار عراقة المدينة , لم نحفظ ود المدينة وياسمينها القديم وادراج قاعها فعاملتنا بالمثل , عمان قصيدة فاضت مقاطعها عن حاجة وادي سيرها وقلادة انفرط عقدها تجارة واستثمار وهي قاعة ترنزيت على شكل مدينة نجلس فيها ثم نرحل الى مسقط الرأس وبلدان الاغتراب فنأتيها سائحين , او شاكين اليها من ضمأ العواصم وحرائقها . اول التفريط كان في وسطها الذي تحول الى قاع , واول التفريط كان الاعتداء على سيلها وبساتينها بعد موجة ارتفاع الاراضي , واول التفريط حين هرب التجار الى الاحياء الجديدة والمولات وغابات الاسمنت الجديدة , عمان ربما اختزلها الزمان في جملة مالية وامتار مربعة قابلة للطي في قوشان حتى ضاقت بنا المدينة فبتنا ساكنيها ولسنا ابناءها .
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة