محمد سمحان قبل أن يرحلعمر كلاب
07-05-2016 03:18 AM
بواكير الشباب كانت الرسائل فنا مألوفا بين العرب ولم تستبحه التكنولوجيا الحديثة، كان الصديق نايف النادي يستعد لارسال اول اعتراف بالحب على شكل رسالة، ولا بد من الاستعانة بصديق وكتاب، كنت الصديق وكان الكتاب ديوان شعر للشاعر محمد سمحان وتلك اول العلاقة مع هذا الموغل في الكهولة والشعر، نقشنا ما نحتاجه من كلمات العشق في الرسالة لنكتشف بعد سنين ان المقصودة ليست الهام الحبيبة للصديق بل الهام الشاعر محمد سمحان، فلسطين، ومن غيرها معشوقة لسمحان الذي قضى هذه السنون وجعا من الغربة واللجوء وتربية الابناء قبل ان يخطف الموت احد اشجاره الوارفة خضارا وشبابا فيكون العبء مضاعفا وانحناءة الظهر اقرب الى الانكسار لولا فضل الله ورحمته وسلامة العزيز اسلام الذي ورث الشعر من محمد سمحان كما ورث الغضب النبيل والانحياز للحياة والانسان . محمذ سمحان الذي بات وجهه مثل كعكة مغموسة بالشاي لكثرة التجاعيد والهموم يعاتب الدنيا بعد ان بلغ الثمانين ومن يبلغ الثمانين لا شك يتعب، فكيف اذا كانت لجوء وترحال واستنزاف للذات والعقل والقلب، وكلها اوجاع الحياة التي فرضت على الشاعر اللجوء وتأسيس الملتقيات الابداعية واثقالها ونكايات السياسة واتراحها وما بينهما من ضيق عيش وتقطع سُبل بين المنافي والامصار، يحتاج سمحان الى كلمة طيبة من وطن عاشه وكتبه، ومن رابطة كان احد من شهدوا ولادتها على كفوفهم الخشنة والناعمة، ويحتاج الى تكريم بعد هذا العمر وهذا الضنك وهذا الشقاء، يحتاجه وهو يتنفس ويسنده في الطريق الى استلام الدرع او زراعة الشجرة التي بإسمه ولده، لا يريد ان يسمع خبر نعيه وتكريمه في نفس الخبر او ان يتلو عليه احدهم خبر نعيه وتكريمه من صفحة جريدة واحدة . اعلم انني اسعى الى مخالفة السائد المقيت، فنحن نعترف بفضل المبدعين على حواف المقبرة ونتركهم فريسة للحياة وقسوتها احياء، وكأننا نعاتبهم على ابداعهم وتعاقبهم السلطات على خدش حياء الوعي السائد، لكنها محاولة لانصاف شاعر عاش وقضى يحمل حروفه زوادة لاجيال انهكها اللجوء والقمع وضنك الحياة، ومحاولة تكريم لاول من ابتكر انصاف المرأة على شكل صحيفة غابت حملت اسم المرأة، وربما حاول اكثر من ذلك وربما اخطأ اكثر من ذلك، فالسياسة والثقافة على عداء وتواطؤ، والغلبة لمن يتقن المسافة بين القصور والقبور وبين مقاولي الدعوات والتكريمات ومحمد سمحان قطعا لا يعرف الفوارق والمسافات، فالشاعر اطول مسافة يقطعها كلمات على ورقة ومسافة بين شطر وصدر او عجز وصدر . دعوة او صرخة او رجاء، ان نحترم ما تبقى لنا من وجدان وان نقوم بتكريم محمد سمحان قبل ان يرحل، فشهوتنا الان ان نرى شاعرا يستلم درعا، وان نرى ابنا يسند اباه على منصة التكريم دون صورة النعي الكئيبة وان نرى وطنا يفتح صدره لنا لا قبره.
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة